محمد عبد الوهاب- السيرة الذاتية

السيرة الذاتية

قد يستغرب الانسان استغرابا مذهلا عندما يعلم ان محمد عبدالوهاب الطفل ذا الثماني سنوات تزدحم في فكره اشياء غريبة وبعيدة عن البيئة التي يعيش فيها، فهناك في البيت عائلة واب متزمت وحازم في الامور الدينية، مؤمنا يؤدي الفرائض الدينية ويستنكر كل ما يخالف تقاليد العائلة لم تكن هناك مدارس رسمية انذاك، بل كتاتيب يقوم اصحابها بتعليم الاطفال الدروس الدينية والتعاليم الاجتماعية التي كانت سائدة انذاك.

لقد ارسله والده الى مكتب الشيخ (سيدي الشعراوي) بالقاهرة ليتعلم تلك الدروس التي تبحث في الامور الدينية وقراءة القران الكريم لتهيئته في الدخول الى الازهر ليستكمل دراسته والحصول على الشهادة العلمية ويصبح رجلا من رجال الدين، وكانت هذه اول مشكلة تتقاطع مع افكاره في هذه السن المبكرة، حيث كان يعيش صراع الموانع العائلية.. الصراع الذي كان حبه للفن والغناء سببه الاول، هذا الصراع الذي اتخذ فيما بعد شكلا واضحا وحاسما، وبدأت العقبات تعترض طريق حياته، كان حريصا على سماع المقرئين والفقهاء، وما زال يذكر الليالي التي كانت تقيمها البيوت الكبيرة والتي كان يحرص على حضورها، وان اقامة مثل هذه الليالي شيء رائع في ذلك الوقت، حيث كان يحب ان يستمع لالحان الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود والشيخ منصور بدران وشجعه على ذلك اخوه الشيخ حسن الذي كان يكبره بعشرة سنين وكان له تاثير كبير على حياته.لم تكن طفولته سعيدة فقد كانت مليئة بالصراعات بين رغباته في الغناء ورغبات اهله بالامور الدينية وكان لابد ان يختار ويحدد ما الذي يريده بالتحديد، هل سيكون مطربا او ملحنا؟ وهو سيلتحق بالازهر ويسير في الطريق نفسه الذي سار فيه اخوه الشيخ حسن؟ وفي الحقيقة لم يكن الاختيار سهلا بل كان صعبا ومريرا.
وذات مرة وقف يغني في الحارة كالعادة وسط الاطفال تقدم نحوه رجل لا يعرفه وربت على كتفيه بحب واعجاب بصوته، لذلك لم يشعر عبدالوهاب نحوه بالنفور او الخوف بل احس بانه من العالم نفسه الذي ينتمي اليه وان يعيش فيه طول العمر، عالم الفن والغناء، حيث قال له محمد يوسف وهو صاحب سرك متجول في المدن هل توافق ان تغني في السرك؟ وبسرعة وبدون تفكير قال الطفل الموهوب.. اوافق، وكانت هذه البداية الاولى حيث اصطحبه الى مدينة دمنهور دون ان تعلم اسرته وفي الوقت الذي فوجئت الاسرة بغياب ابنها الصغير محمد كان هو يغني اغنية الشيخ سلامة حجازي المعروفة (عذبيني فمهجتي في يديك) والجمهور كله صامت يستمع باعجاب لذلك الطفل صاحب الصوت الساحر، ومن محاسن الصدف ان كان بين الحاضرين الفنان الكبير الشيخ السيد درويش الذي لم يكتف فقط بالتصفيق بل قام واتجه نحوه لكي يصافحه ويحييه، وعلى اثر ذلك بدأت الاسرة تقتنع بانه لا جدوى من ابعاد ابنها عن طريق الفن الذي كان يندفع نحوه باصرار عجيب رغم الضرب والتأنيب ويبدو ان الاب نفسه رغم قسوته احيانا قد بدأ هو الاخر يقتنع بان الفن هو قدر ابنه ومستقبله.
وهكذا استمر عبدالوهاب يغني في المسارح وصعوده في النجاح، وقد احس بانه يجب دعم مواهبه بدراسة فنون الموسيقى فدخل معهد (برجيون) الايطالي في القاهرة لدراسة استعمال الالات الموسيقية.
استمر عبدالوهاب بالصعود والشهرة، وتمر السنين وذات ليلة وفي حفل كبير اقيم في الاسكندرية شارك الاخرين في الغناء ووقف الجمهور امام صوته الجميل باعجاب منقطع النظير حيث امتزج غناؤه مع نسمات الصيف واصوات البحر فامتع الحاضرين وصفقوا له طويلا، وسمع من يقول له ان احمد شوقي يريد ان يراك فذهب عبدالوهاب وصافح امير الشعراء وقبل يده، وقال له شوقي عندما تعود الى القاهرة مر علي ومن يومها لم يفارقه عبدالوهاب حتى لحظة وفاته.
لا يكفي ان نقول ان محمد عبدالوهاب هو معجزة الموسيقى والغناء في تاريخنا المعاصر فقد شبع عبدالوهاب مديحا واطراء تبجيلا لفنه العظيم طيلة سنوات قاربت السبعين عاما، لقد استطاع بقدراته الفذة ان يجمع بين القديم والجديد وبالمزاوجة الماهرة التي اعتمدها في تطوير فنه.
ان هذه الخاصية الفريدة التي تميز فيها هذا الموسيقار الكبير هي التي اتاحت ان يتربع على قمة الموسيقى والغناء في وطننا العربي، وذلك ان موهبته الخلاقة التي لم نجد لها نظيراً في تاريخ الموسيقى والغناء، فساقته هذه الموهبة الى ان يزيد من دراسته الموسيقية لانه كان يعرف ان الموهبة من دون ان تدعم بالعلم هي كالفقاعة تبدو كبيرة ومؤثرة في بادىء الامر ولكنها لا تلبث ان تتبدد ولا تترك وراءها الا فراغا، وقد تعلم عبدالوهاب فنون الموسيقى في معهد النادي الشرقي (معهد فؤاد الاول للموسيقى العربية) التي اتاحت له فرصة ادخال الالات الغربية في اللحن الشرقي منها البيانو والة (القيثار) التي استعملها في المقدمة الموسيقية لاغنية (انت عمري) لام كلثوم فقد ايقن بعمق ذوقه الرهيف حيث تركت هذه المقدمة الرائعة اثرا لا ينسى في نفس المجتمع العربي.
ان عبدالوهاب لم يكن انانيا وحصر الحانه بشخصه فقط بل منحه لكثير من المطربين والمطربات الذين اشتهروا بواسطة الحانه هذه، حيث اول من غنى من الحان عبدالوهاب هي منيرة المهدية وياسمين الخيام اخر المطربات، وحامد مرسي كان اول مطرب غنى لعبد الوهاب، وكذلك محمد عبد المطلب الذي كان يعمل مرددا في تخت عبد الوهاب، كذلك عبدالغني السيد واسمهان في اوبريت مجنون ليلى، كذلك غنت له ليلى مراد في فيلم يحيا الحب (ياما ارق النسيم) و(تمخطري وتمايلي يا خيل) و(الحب جميل) و(عيني بترف) مع نجيب الريحاني في فلم غزل البنات غنت نجاة علي في فلم (دموع الحب) (يا فرحة القلب المشتاق) و(صعبت عليك) كذلك غنت له رجاء عبدو (البوسطجية يشتكو) و(حتفوتني لمين) ونجاة الصغيرة غنت (ايظن) و(ساكن قصادي) وغنت فائزة احمد (ست الحبايب) و(بريئة) وكثير من غنى لعبدالوهاب لا استطيع تعداد هؤلاء منهم وردة الجزائرية وشادية وفيروز وهدى سلطان وفايدة كامل وشهرزاد وعبدالحليم حافظ غنى له الكثير ولكن ابرزهم كانت ام كلثوم حيث غنت له (انت عمري) و(امل حياتي) و(فكروني) و(انت الحب) و(هذه ليلتي) و(دارت الايام) واخر اغنية غناها عبدالوهاب بصوته وقبل وفاته كانت (من غير ليه).اما الحانه لنفسه فهي لا تعد ولا تحصى فهي تعد بالمئات ولكن لا باس ان اذكر بعض هذه الروائع وابدعها في الاغاني القصيرة منها (جفنه علم الغزل) و(عندما ياتي المساء) و(يا دنيا يا غرامي) و(الليل لما خلي) و(سهرت منه الليالي) و(مريت على بيت الحبايب) و(حكم عيون) مع راقية ابراهيم اما في ساحة الموال منها (كل الي حب اتنصف) و(امانة يليل قل للفجر يستنى) و(شجاني نوحك يا بلبل) وغيرها.
اما روائعه في الاغاني الطويلة هي (الكرنك) و(حياتي انت) و(كليوباترا) و(دعاء الشرق) و(الجندول) وهذه الاخيرة كانت وراءها قصة يرويها مؤلفها المهندس علي محمود طه فيقول: كنت وبعض الاصدقاء نجلس في مقهى في مدينة فينيسيا، وقد لاحت لي فتاة شقراء مقبلة الينا، وعندما اقتربت منا اعترضت طريقها مبهورا وحييتها بعد ان اعتذرت لها من تصرفي وقلت لها كان ذلك بفعل جمالك الباهر فابتسمت وقبلت الاعتذار، فطلبت منها ان تشاطرنا الجلوس فقبلت، ثم اخرجت دفتري واخذ القلم يكتب وانا انظر اليها مشدوها ولم يتوقف القلم حتى انتهيت من كتابة تلك اللوحة الرائعة التي سميتها (الجندول) ومطلعها..
اين من عينيك هاتيك المجالى
يا عروس البحر يا حلم الخيالى
اين عشاقك سمار الليالي
اين من واديك يا مهد الجمالى
حتى بلغت ابياتها اكثر من عشرين بيتا منها ايضا:
ذهبي الشعر شرقي السمات
مرح الاعطاف حلو اللفتات
كلما قلت له خذ قال هات
يا حبيب الروح يا انس الحياة
وقبل ان نفترق اعطيتها بطاقتي الشخصية (كارت) ودعوتها لزيارة مصر بدعوة من الملك فاروق حيث كنت مخولا بهذا التصرف، وفعلا بعد حين زارت الشقراء البولونية مصر وشاهدها عبدالوهاب وذهبت بعدها الى دائرة البريد وارسلت (تلغراف) (برقية) الى عبدالوهاب وطلبت منه ان يتهيأ لتلحين قصيدة الجندول الرائعة.اما في مجال السينما فانه انتج سبعة افلام غنائية قام ببطولتها وغنى فيها اروع الاغاني واجملها وهي (الوردة البيضاء) مع النجمة (سميرة خلوصي) و(دموع الحب) مع نجاة علي و(يحيا الحب) مع ليلى مراد و(يوم سعيد) مع سميحة سميح و(ممنوع الحب) مع رجاء عبدو و(رصاصة في القلب) مع راقية ابراهيم و(لست ملاكا) مع نور الهدى علما ان هذه الافلام لا تزال تعرض في دور السينما ومحطات التلفزة وتدر ايرادات كبيرة لورثته المتمثلة بشركة (صوت الفن).ان اخر فلم اشترك فيه هو (غزل البنات) مع المطربة ليلى مراد ويوسف وهبي ونجيب الريحاني وانور وجدي غنى فيه رائعته الشهيرة (عاشق الروح).

الله يا تيم
لما شفت الإسم ذكرتني بأيام رائعة جداً وليالي برفقة الملك عبد الوهاب
رح حفظها ع جهازي واقراها ع رواق وشكراً إلك

بي ملاحظة : نقلت الموضوع من قسم الموسيقا لقسم خفايا شخصيات خالدة

شكرا تيم بدي قول شي مابدي تزعلو مني مابحب اسمعلو
مامتل ام كلثوم بس مع هيك بحب اعرف سيره حياته
شكرا كتير تيم

» قمري الحزين .. عبد الوهاب البياتي
» طفولة بريئة...محمد الماغوط
» محمد الماغوط .. سيرة مختصرة
» سأخون وطني..محمد الماغوط
» انها الذكرى الثالثة لرحيله...محمد الماغوط