إلهة النار
الجبال ملفوحة, والبحر يغلي,
والسماء أتون ينذر بالكارثة,
وكل الأرض كزهرة لوتس,
تزهر للمرة الأولى في النار,
والجنس البشري كله يلهث بسرعة,
مسرعا في زوابع من لهب,
كأنه النار المفترسة,
أحرق السديم ثلاثة آلاف من العوالم.
كيكن إيجيشي
مولد بركان
في صبيحة يوم السبت 20 شباط 1943, كان ديونيزيو بوليدو, وهو هندي من أهالي
شمال المكسيك يمشي عبر حقل الذرة الخاص به على نجد عال من جبال سييرا
مادري الغربية عندما شعر بدفء غير عادي يشع من الأرض تحت قدميه. كان
معتادا على الشعور بأن الشمس تسطع نحو الأسفل, تدفئ له جسمه وتبعث الحياة
في مزروعاته... لكن أن تكون الأرض تشع دفئا؟ّ!...ل هناك خطأ ما.
(( كنت مع زوجتي, بابلا, وابننا كريسنشيو البالغ من العمر العاشرة, اللذين
كانا يرعيان خرافنا الصغيرة,... عندما سمعت الأرض أمامي تشخر ورأيت الدخان
يخرج من الأرض, ظننت أن العالم بدأ يشتعل)).
كان ديونيزيو وجيرانه قد أُنذروا من المهندس المحلي أن بركانا قد ينشأ قرب
القرية باراكوتين وذلك لأن الزلازل قد ضربت المنطقة في الأيام الثمان عشرة
السابقة. وفي اليوم التالي عاد ديونيزيو إلى الحقل مع ثيرانه وحميره ولاحظ
هذه الظاهرة الأكثر غرابة: كان شق في الأرض في وسط حقله يتقيأ كتلة من
مادة يخرج منها بخارٌ ويقذف صخورا على مرتفع علوه ثلاثة أمتار (10 أقدام).
وفي غضون أيام, صارت اندفاعات عنيفة ترمي لابات (مقذوفات مهلية سائلة) في
الهواء بحيث تقسّت بعد أن تحببت من الغازات المنتشرة, وأصبحت رمادا بينما
كانت ترجع إلى الأرض ثانية. وكانت الصخور تتوهج (قنابل بركانية كما يسميها
علماء البراكين) وتقذف نحو السماء وتعود إلى الأرض فوق الرماد, محولة
المرتفع فورا إلى نوع من التلال كان العلماء يسمونها المخروط بسبب شكلها
المخروطي. وبدأت اللابات وهي مادة صخرية ذائبة- مشحونة بالغاز تشبه
الزجاج- تتسرب من شق الأرض وتصعد عبر المخروط وتندلق على الجوانب. وبعد
شهرين- في أوائل نيسان ضربت المنطقة عواصف برق شديدة على خلفية الرماد
السميك الذي سقط: كان البرق يومض نحو الأعلى كل دقيقتين أو حوالي ذلك,
مصحوبا بفرقعات حادة من أعلى المخروط الذي كان لا يزال يرتفع. وفي تلك
الأثناء, استمرت المقذوفات البركانية تسيل, بمعدل 30 م/ساعة) وكان يسبقها
في كل مرة انفجارات عنيفة: تحول المخروط في فترة خمسة أشهر إلى جبل
بارتفاع 310 م (1033 قدم) طامسا بصورة كاملة حقل الذرة والقرية.
وبعد عدة أشهر كان ديونيزيو وجيرانه قد رأوا المولد المذهل لجبل البركان,
بركان باراكوتين الذي توقف عن الاندفاع بعد تسع سنوات بعد أن وصل إلى
ارتفاع 450 م (1500 قدم), واندفع علماء البراكين إلى باركوتين من جميع
أرجاء العالم كي يدرسوا هذه الظاهرة الاستثنائية بصورة كبيرة.
منشأ البراكين
الاندفاع البركاني تفجر في نقطة ضعف في القشرة الأرضية, يبدأ عندما تفتح
حركةٌ- غالبا ما تكون ناتجة عن اهتزاز زلزالي-فرجة أو صدعا في القشرة:
بهذا يكون البركان لا شيء سوى مصرف في القشرة الأرضية. تكون الصهارة
(المهل) من الغلاف المحيطي (المعطف), التي تحتوي صخورا ذائبة وغازات
وبلورات معدنية محبوسة تحت ضغط هائل بسبب ثقل القشرة الأرضية المتجهة
نحوها: عند تحول الحمم المنصهرة (المهل) تسيل في الشق وتخرج بتأثير الضغط
مطلقة بعض غازاتها, التي بدورها توسع الشق الأصلي وتعرّضه ( وهذا النموذج
من العمل هو ال1ي جعل الصهارة الحارة تنقذف نحو الأعلى إلى السطح في بارا
كوتين) وفي بعض الأحيان, يدخل ماء البحر الشق, وبملامسته للصهارة الحارة,
يتمدد فجأة ليصبح بخارا يوسع الشق, وينتج عن ذلك زوال للضغط بصورة انفجار
يقذف مواد جامدة وغازات من فوهة البركان. وفي جميع الأحوال, يحدث أن سدادة
من صهارة تصلبت بسرعة تغلق الشق لاحقا, فيتوقف الاندفاع, كما يحدث في
إطارات السيارات التي تسد ثقوبها تلقائيا دون الحاجة للمواد اللاصقة.
ولقد قدّر أنه في السنوات العشر الأخيرة, انفجر ألف ومائتان من البراكين
النشيطة, من بينها خمسمائة لاتزال نشيطة حتى اليوم في مناطق مأهولة ب
/500/ مليون نسمة, من بين هذه البراكين, يقع 60% حول حافة المحيط الهادي
المعروف أيضا بحلقة النار. ويدل التشابه في التوزيع العالمي النطاق
للبراكين والزلازل فوق سطح الأرض – دون ريب- أن هناك علاقة كائنة بينها:
توجد البراكين على طول الشريط ما حول المحيط الهادي و الشريط الألبي
الزلزاليين وعلى جزر مثل جزر الهادي وساموا التي تقع بمحاذاة صدع وسط
الهادي- أو مثل آزورز وآيسلاند تقع بمحاذاة صدع وسط الأطلسي, وتحدث
البراكين أيضا في جبال الألب والهملايا, وهي مناطق التواء جبلية تسبب خطوط
ضعف في القشرة الأرضية, وفي معظم الأحيان على حدود تكتونية كما هي الحال
في جبل باراكوتين, وتصبح مناطق ضعف بشكل خاص في القشرة الأرضية- مثل تقاطع
انكسارين عند جبل فيزوفيوس, مواقع لبراكين كبيرة في أغلب الأحيان تتواجد
قرب خطوط الساحل.