Dreams way
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Dreams way

منتدى طريق الأحلام ..ملتقى الكلمة الطيبة والحلم الراقي .. أهلاً بكم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 "القدس في كلمة"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sonnenblumen
فريق الأحلام
فريق الأحلام
sonnenblumen


مكان الإقامة : : طريق الاحلام
عدد المشاركات : 3526
تاريخ التسجيل : 28/08/2008

"القدس في كلمة" Empty
مُساهمةموضوع: "القدس في كلمة"   "القدس في كلمة" Empty17.04.10 23:12

"القدس في كلمة" عنوان المؤتمر الذي عقده مركز اوغاريت الثقافي لمناقشة أدب التدافع حول القدس وخطاباته المتضاربة على الجبهة الثقافية. شكلت المداخلات خارطة فسيفسائية لجبهة الصراع الثقافي بصدد القدس، حيث الكلمة قد تكون مخاتلة مزيفة ومضللة لحساب مصالح غير مشروعة، وقد تكون قوة نقد للواقع المزري وطاقة دفع لتطوير الجهد دفاعا عن الحق والحقيقة. كل من الثقافتين يمرح في ميدانه ويتوجه لبيئة مغايرة؛ فالثقافتان لا تشتبكان في صراع لاكتساب جمهور محدد بعينه.
ألقت موضوعات المؤتمر الضوء على محاولات عمرها مئات السنين توجهت إلى الغرب استهدفت فرض هوية للقدس تنتزعها من طابعها الحضاري التاريخي. من جانب جرى تمويه البدوات الاستعمارية للسيطرة على فلسطين بذرائع دينية شوهت حقيقة القدس؛ في هذا المؤتمر اتضح بصورة جلية ضخامة حجم أدب تزييف التاريخ والجغرافيا بهدف تثبيت خرافات وأغراض غير مشروعة تتعلق بطابع القدس؛ وفي الجانب المقابل أسقطت منهجية تدبير الحال والفهلوة دور المعرفة والمجهود الثقافي الموضوعي في الدفاع عن القدس وهويتها الشرقية العربية. وزمننا يتميز بالفهلوة وثقافة تدبير الحال المتنكرة للمعرفة المستمدة من الواقع. حفزت الثقافة المضادة أهدافٌ استعمارية قبل ظهور الحركة الصهيونية بزمن مديد . بدأت الجهود عام 1697 برحلة هاني مانداو من حلب إلى القدس غايتها تثبيتُ خيالات مسيحيةٍ غربية وقائعَ مادية ًعلى أرض القدس. استمرت الجهود الاستكشافية مموهة بقناع ديني مصحوبة برسم الخرائط وإسقاط أسماء توراتية على أماكن في القدس إلى أن كانت المستعمرة اليهودية الأولى عام 1852 بمبادرة القنصلية الأمريكية في القدس والثانية والثالثة عام 1862 بمبادرة القنصلية البريطانية والقنصلية الألمانية في القدس كذلك. حتى هذا التاريخ كانت " استعادة القدس" فكرة مسيحية اصولية خرج منها "لاهوت ما قبل الألفية"، الذي يشترط نزول المسيح لينشر العدل على الأرض بعودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة وإعادة بناء الهيكل. لم تستوح الجهود الاستيطانية ورع ديني ولا عواطف حانية على أشواق اليهود؛ إنما أغراض دعم السيطرة الكولنيالية على الشرق العربي عن طريق زرع كيان يحرس المصالح الطامعة في المنطقة ثروات وموقعا استراتيجيا واحتياطيا امنيا. وفي سبعينات القرن التاسع عشر شرع الممول اليهودي روتشيلد ينفق بسخاء على تشييد المستوطنات اليهودية على أرض فلسطين.

امتدت المناقشات على ثماني جلسات تحدث فيها ثمانية محاضرين؛ كانت أوراقهم محاور نقاشات تقاطعت خلالها الأفكار والرؤى. ففي يوم الجمعة الخامس من حزيران ، الذكرى الثانية والأربعين لاحتلال القدس والشروع في تغيير هويتها السياسية حاضرت الدكتورة رناد بركات ، أستاذة التاريخ وبرنامج الدراسات الأدبية المعاصرة بجامعة بير زيت، فاستعرضت كتابات الرحالة المستشرقين وخرائطهم المرسومة عن القدس، وتحدث الأديب الناقد محمد البطراوي عن الصحافة الثقافية في القدس؛ و عرض الباحث سعيد مضيه مكانة القدس في ثقافة التنوير ردا على أطماع الاستيطان؛ كما قدم الأديب محمود شقير شهادة إبداعية حول القدس. ثم استؤنف الحوار في اليوم التالي فألقى الدكتور غانم مزعل القادم من خلف الخط الأخضر محاضرة عن القدس في الكتابات الإسرائيلية، وقدم إميل عشراوي وعدد من المسرحيين شهادات عن مكابدة النشاط المسرحي في القدس في هاجرة الاحتلال؛ كما قدم الناقد الدكتور أحمد حرب ، أستاذ الأدب المقارن بجامعة بيرزيت، دراسة نقدية حول القدس في الشعر الفلسطيني ونموذجه المتميز شعر محمود درويش، واختتم المؤتمر بدراسة "القدس في السرد الفلسطيني" أعدها وقدمها الناقد وليد أبو بكر.
استهلت الدكتورة رناد بركات، كلامها بالإشارة إلى مفارقة مثيرة للتندر ، حيث أوردت شكر هيئة أهلية فلسطينية لمؤسسة فرنسية بالقدس تدعى"قبور السلاطين"، على تقديم مقرها لاستضافة نشاط ثقافي حول " القدس عاصمة الثقافة العربية ". اعتبرت الدكتورة ذلك الشكر أحد مظاهر الاستعمار الثقافي بالقدس، لتتساءل عن لغز تسريب الثقافة الاستعمارية . وتضمن جوابها لفك اللغز سيلا متدفقا من الجهود الثقافية والاقتصادية قام بها رسل الاستعمار ركزت على تقديم القدس فراغا بلا سكان ينتظر من يتملكه مثل المؤسسة الفرنسية ، ثم أماكن بلا أسماء تنتظر أسماءها من الأصولية المسيحية في الغرب؛ والغاية إعادة كتابة التاريخ المسيحي التوراتي للقدس تكريسا للأطماع الاستعمارية البريطانية. لم يكتب الرحالة البريطانيون عن الناس في القدس ولا صوّروا الأماكن مأهولة بأصحابها؛ ولم يخص الرحالة الأول إلى القدس، مانداو الكنائس الشرقية بالمدينة إلا بنصف صفحة من كتاب ألفه عن رحلته. منذ البداية، تقول المحاضرة، بدأ التآمر لشطب الوجود العربي في القدس . وبعد الرحالة الإنجليزي كتب شمس الدين محمد المقدسي عن القدس فأورد أخبار السكان العرب القاطنين في ربوعها.
في أول محاولة لرسم معلم للقدس قام بها الرحالة فيبر خلت الشوارع من المارة؛ وبعده رسم كابرويل أول خارطة للقدس القديمة كانت أساس الخرائط البحرية البريطانية، وشملت عكا ويافا، فقد تأثرت الخارطة بالنظرية الاستعمارية المتجاهلة للوجود السكاني بالقدس.
في عقد الخمسينات من القرن التاسع عشر طور القناصل الغربيون في القدس جهود التزييف فشرعوا يمحون التاريخ العربي مسقطين تاريخهم المزعوم على " المكان المقدس". كانت جهودهم أعقد من أن يدرك مآلاتها موظفو الإدارة العثمانية. أخذوا يطلقون أسماء توراتية على شوارع ، انسجاما مع تخييل المكان طبقا لدعوة الأصولية المسيحية. في عام 1850 شرع الرحالة تشاركز ينشئ مشاريع تنموية بأموال الحكومة البريطانية. ثم رسم خارطة للمواقع في القدس حتى البحر الميت، اعتمدتها الحكومة البريطانية رسميا وقدمت الخارطة خدمة للجيش البريطاني لدى احتلال فلسطين في نهاية الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1858 اشترى الفرنسيون قطعة من الأرض بنوا عليها " قبور السلاطين"، تلك التي استضافت الندوة حول القدس عاصمة الثقافة العربية، والتي استفزت المحاضرة.
وتوسعت جهود التزوير إلى البحث الأثري. فقد توجه التنقيب عن الآثار في القدس وجهة دعم النظرة الاستعمارية البريطانية. هنا تميزت جهود الكشف عن "مدينة الملك العظيم" ، مركّزة على الآثار المسيحية ـ اليهودية لإثبات أن المُلك يخص الغرب "المسيحي" أكثر مما يخص أهل البلاد. في عام 1867 بدأ الحفر تحت حرم الأقصى للكشف عن " مدينة داوود". لم تعنهم حقيقة أن المدينة شيدت قبل آلاف السنين من التاريخ الذي زعم أن داوود اعتلى عرش الدولة العبرية . فالمهم في نظر "المكتشفين" ليس الحقيقة بل نوايا الخطط الاستعمارية ل" استعادة القدس". وقد تعمد أربعة من أشهر من صور مدينة القدس إغفال وجود سكان ومواطنين أصليين بالمكان.
هكذا لا تثير الجهود الإسرائيلية للحفر تحت حرم الأقصى وتغيير معالم المدينة الانتقاد من جانب حكومات الغرب الاستعماري.
أضاف محمود شقير إلى المشهد فأشار في مداخلته إلى كثافة الإنتاج الأدبي في إسرائيل وخارجها حول القدس. إنهم بذلك يحاولون تثبيت الخرافة واقعا متعينا. أحد الأدباء المعاصرين، عاموس عوز، أصدر أعمالا أدبية ( قدرها بالعشرا ت) ، كي يخلص محمود شقير إلى الإقرار بتقصير الجانب العربي تجاه هوية القدس الحضارية. فهذا تحد ينبغي مواجهته والنهوض بأعبائه. وبجانب الروايات والأعمال القصصية والأدبية الأخرى يجهد المؤرخون لإضفاء الطابع اليهودي على القدس وفلسطين كافة. اعترف شقير أن أعماله الأدبية لا تتحدث عن القدس ؛ بل عن قروي يعبر القدس مندهشا مما يراه. وقال إنه سوف يكرس الجهد لإبداع ادب يتحدث عن هوية القدس العربية.
واستهل الدكتور غانم مزعل مداخلته بإيراد قول أستاذ جامعي خاطبه مرة : أنتم تتحدثون عن تهويد القدس ونحن نتحدث عن استعادة الوجه اليهودي للمدينة. والدكتور حاصل على ماجيستير في اللغات السامية من جامعة تل أبيب والدكتوراه من إحدى جامعات ألمانيا، وهو مطلع على الكتابات العبرية، فانطلق من بحثه من معرفة عميقة بالموضوع . الكتابة الإسرائيلية تنطلق من جذر توراتي أصولي . رصد الباحث فرقا كبيرا في المصطلحات والكلمات بين الشاعرين بيالك ودرويش. الأول مصطلحاته تلمودية أما درويش فمصطلحاته منتزعة من الواقع المعاش.، فهي لذلك أكثر صدقا وموثوقية. عوضت الكتابات الإسرائيلية المعاصرة نقص الوقائع الملموسة بتكثيف الحنين إلى القدس والتركيز على طابعها التوراتي المزيف لإثبات عبرية المكان عبر التاريخ القديم وقبل بدء الاستيطان بفلسطين. والأدب يركز على القوة وسيلة للتملك؛ فالأعداء لا يفهمون غير لغة القوة. فالأغاني العبرية تعكس تعلقا مصطنعا بالقدس باعتباره عودة الروح في الفكر الصهيوني. وأورد الباحث مثالا أغنية " القدس من ذهب" للمطربة والشاعرة نعمي شيمر نموذجا للفن الذي يعكس الخيال والحنين تعويضا عن الواقع . وقارن الباحث بين شاعر الصهيونية المتميز، والشاعر محمود درويش. الأول يحدوه حنين ورؤى قديمة ؛ بينما الثاني يورد وقائع . إنه تناقض الحلم مع الواقع ، حيث لم تكتشف آثار تثبت وقائع الرواية الصهيونية ـ الامبريالية عن فلسطين. إن تاريخ الحلم فارغ ، ذاكرة مضيعة ، والبحث المحموم فشل في إيجاد ما يثبتها في التاريخ الواقعي . أما رواية شموئيل عجنون التي نالت جائزة نوبل فتتحدث عن اليهود خارج فلسطين.

ولاحظ الباحث خفوت الكتابة عن القدس بعد عام 1967؛ كتب أنطون شماس وسلمان مصالحة شعرا بالعبرية عن القدس يصفونها من منظار مغاير للكتاب اليمينيين، مدينة حزينة ذابلة والإنسان بها ضائع.
مقابل الصورة العبرية الخالية من مضمون حقيقي رصد الناقد الدكتور أحمد حرب جمالية الصورة الشعرية لدى محمود درويش ، والتي تطرح جدلية المنفى والإقصاء ، التهميش والإبعاد، الحصار داخل زنزانة والتوق إلى الانطلاق؛ فيماهي مدينة القدس صورة نقيض لمدينة بابل الكلدانية في التراث العبري.. وجود درويش في القدس هو المستند الموضوعي الذي يتكئ عليه الشاعر ، حيث تتشابك الصور، متنقلة بين الخيال والواقع ، وكأن درويش بذلك يزاوج واقع الفلسطيني بالخيال الفانتازي؛ وما إن يفرغ من التجلي حتى يصحو من الخيال على جندي يستجوبه: " ألم أقتلك ؟! قلت قتلتني لكنني لم أمت".
مقابل التراكم الثقافي في جبهة الغزاة المتدخلين حرصت السياسة الإسرائيلية من خلال الهدم والتخريب تبديد معالم الثقافة العربية . وحكاية إسرائيل مع الأرض والثقافة محملة بالتباسات التدمير والطمس والنهب المغلفة بالقانون. قوضت النكبة الأولى الواقع الفلسطيني؛ وتحت ركامه طمرت معالم ثرية للثقافة الفلسطينية، وبداياتها التنويرية، فبقيت مجهولة لدى أجيال ما بعد النكبة. قطعت الذاكرة الثقافية الفلسطينية واضطر الكتاب الناشئون على أنقاض النكبة للبدء من مستوى قريب من الصفر.
قدم الكاتب سعيد مضيه مداخلته بصدد الإنتاج الخصب لثقافة التنوير ورسالتها في تطوير الهوية القومية والوعي القومي التحرري، فتتبع النهضة الثقافية التي بدأت إرهاصاتها الأولى في التصدي للاستيطان الصهيوني. جميع المنورين الفلسطينيين استفزتهم الهجرة اليهودية وأثارت قلقهم. برز في هذا المجال محمد روحي الخالدي ونجيب نصار ونجيب عازوري وخليل السكاكيني وخليل بيدس، دون إنكار جهود الآخرين. ونظرا لإدراكهم المبكر العزم اليهودي المحرك للمشروع الاستيطاني ـ دون ان يعوا بطبيعة الحال العزم المضاعف جراء التحامه بالنظام الكولنيالي الزاحف على المنطقة ـ فقد انحصر دور المنورين في الكشف عن مقاصد الهجرة اليهودية و مخاطر بيع الأراضي، وفضحوا ما سمي اليسار الصهيوني نظرا لمساعيه في تجميل المشروع الصهيوني لتقديم صورة للصهيونية تسهم في ترقية المنطقة وتنميتها.
كان للانقلاب التركي عام 1908 تأثيران متناقضان على البلاد العربية وفلسطين على وجه الخصوص. من جهة منحت حرية النشر وإصدار الصحف؛ ومن جهة مقابلة أبدى الانقلابيون من رجال " تركيا الفتاة" المساندة للاستيطان اليهودي بفلسطين. ونظراً لهذين الاتجاهين المتناقضين نشط العمل الصحفي في فلسطين. انطبع الشعور القومي في فلسطين منذ وقت مبكر بطابع خاص، طابع الانتماء إلى ارض ووطن محددين يتهددهما خطر الضياع بفضل الهجرة والاستيطان اليهوديين. كان محمد روحي الخالدي ، نائب القدس في مجلس المبعوثان أعمق وعيا بطبيعة الاستيطان اليهودي . تحدث عن القدرة المالية للوافدين وعن الرشوات التي يشترى بها صمت وكلاء الإدارة العثمانية. زار المستوطنات واطلع وعاين وخرج بخلاصة تنطوي على قلق شديد من انعدام التكافؤ بين المستوطنين والفلاحين العرب. توفي روحي الخالدي عام 1913.
واهتمت مجلة "النفائس العصرية" لمحررها يوسف بيدس بقضية الاستيطان وكذلك صحيفة "الكرمل" لمحررها نجيب عازوري، الذي جلب على نفسه حقد الصهاينة وسخط الحكام الأتراك. بدأت المطبوعتان نشاطهما التنويري في العقد الول من القرن العشرين.
أمام المفاهيم الجديدة التي أدخلها المنورون واستوعبتها الآداب العربية الناشئة، تلاحمت تفاعلاتها مع تطوّر حركة الإصلاح والتغيير في أوائل القرن العشرين إلى حركة النهضة القومية العربية، وتيار المطالبة بالاستقلال القومي والتحرّر والاستقلال عن الدولة التركية؛ ما أهّل اللغة العربية وآدابها لأن تكون أحد عناصر النهضة القومية. وكما اتصل الناقد روحي الخالدي بآفاق الأدب الفرنسي المتمثلة في فيكتور هوغو، وبما أحاطه بهذه الآداب من ظروف اجتماعية، كذلك فعل الكاتب خليل بيدس في مجلته "النفائس" التي طلع بها على الناس، والتي جعلها مدرسة قائمة بذاتها، تطل على حياة الأمم الأخرى، وتنتفع بما أنتجه الفكر العالمي من آثار أدبية وغيرها. وجعلها منبراً لروايات أكبر الكتاب العالميين.
قدم الأديب التنويري لأبناء وطنه صوراً بهيجة وجميلة، وأفكارا صائبة مستنيرة تمنح القراء أبدية حب الوطن والتكافل الاجتماعي وتقديم القيم الاجتماعية السامية والملهمة. إن قيمة المنتج الأدبي ترقى بقدر ما يطرحه من قيم معرفية للواقع الاجتماعي وللنفسية الإنسانية تعين على فهم مغاليقها. ولا بدّ من أن يستهدف الجمال والخير والحقّ في كتاباته، فالثقافة قيم معرفية وأخرى خلقية وثالثة جمالية. الأدب مرآة للواقع يتطور بتطور الواقع ويعكس دينامية المجتمع. وللسكاكيني نظرات في التعليم سبقت عصرها . فقد نادى في بدايات القرن الماضي بتعليم يقوم على احترام شخصية الطفل، ويقرن الممارسة بالنظرية. حمل السكاكيني في بداية القرن العشرين رسالة التربية من اجل الحرية، وكان الرائد في التصدي لزعامة الكنيسة الأرثوذكسية وربط قضيتها بالقضية الوطنية .
أما بندلي الجوزي الذي طردته السلطات العثمانية من فلسطين عام 1902، فقد اضطر للإقامة خارج الوطن وعاد إليه مرارا ودفع إلى المطبعة في القدس عام 1928كتابه "من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام". أشرف على طباعة الكتاب خليل السكاكيني (شيخ الصعاليك)وطبع في مطبعة بيت المقدس ـ القدس في 10 آب (أغسطس) 1928.
وتشكل للمثقفين الفلسطينين منتداهم الثقافي في مدينة القدس تحت الاسم مقهى الصعاليك. اعتاد المثقفون الالتقاء فيه يتحاورون ويتبادلون الأفكار ويستقبلون الزوار الأجانب، فيقدمون ثقافة إنسانية تحررية؛ وبعكس الزعامات السياسية المتناحرة والمتباغضة سادت داخل الوسط الثقافي حالة من التفاعل والتجانس.
وعادت أيضا إلى فلسطين بعد غياب كلثوم عودة. عملت كلثوم عودة أبحاثاً تتعلق باوضاع المرأة العربية وباللهجات والتقاليد العربية من وجهة نظر سوسيولوجية. تراوح الإنتاج العلمي بين تأليف وجمع وترجمة ودراسات. ولها مساهمات في تاريخ الأدب العربي ولغة المسرح والأدب المقارن، ولها كتاب يُعنى بتدريس اللغة العربية بعُنوان ”اللغة العربية للروس” وآخر ” "المنتخبات العصرية لدراسة الآداب العربية”، كما ترجمت العديد من المؤلفات العربية إلى الروسية .
في ورقته أشار الناقد وليد أبوبكر إلى استعصاء القدس على الأدب الروائي الجاد. يطلق على طوبوغرافية القدس صورة مدينة روائية . ذلك أن الرواية كتابة بها تنوع في إطار الوحدة، وشوارع القدس داخل السور متوازية تربط بينها أزقة معترضة. والقدس اكبر مما كتب عنها ؛ فهي تثير الدهشة ومكانتها الدينية تزيدها رهبة ومهابة " يقف أمامها الروائي الجاد برهبة شديدة". تساءل الناقد: هل استطاع الكاتب الفلسطيني أن ينجز مشروعا سرديا يقال أنه يليق بالقدس العربية ، أو يطاول قامتها كمكان تاريخي ومقدس ، أو مكان مهدد بالتهويد؟ ويجيب: "ولعل من أبرز ما في القدس بعض ما لا يسهل نقله بالنسبة لمن لم يعشها. ان للقدس نكهة خاصة تعلق بالنفس بمجرد العبور إلى داخلها ، ثم لا تفارقها بعد ذلك . ويمكن لكل من عرف القدس أن يصادق على وجود هذه النكهة المركبة التي تثير الحواس جميعا بقوة لا تقاوم ؛ وهي تتشكل من عناصر حسية ومعنوية يصعب فهمها أو حصرها ، تتميز وسطها الرائحة المنبهة كإطار تحمل في ثناياها كل ما تشكلت منه القدس عبر التاريخ المتراكم".
وتتبع محمود شقير مسيرة الحركة الثقافة في فلسطين ، حيث واجهت الانتكاسات عام 1949 و1967؛ وفي كل مرة كانت تمنى بضياع الأعمال الأدبية وتشتت المثقفين خارج البلاد. وبعد النكبة شرع الأدباء الناشئون يبدعون من مستويات متدنية نتيجة الانقطاع عن المسيرة الثقافية قبل النكبة . ثم أخذت الحركة الثقافية تنتعش في عقد الستينات، وتقاطر الكتاب الأردنيون إلى القدس ينشرون إبداعاتهم البكر. وكان لمحمود شقير إسهام مباشر في تطوير الفن القصصي واهتم بالمسرح من خلال الكتابة في " الأفق الجديد" والعمل في الزاوية الأدبية بصحيفة " الجهاد". ثم حدث الانهيار في حزيران .
وحرص الأديب الناقد محمد البطراوي على أن لا تفوته المشاركة في المؤتمر فغادر سرير المشفى، حيث كان يعالج من حالة دوخة وإغماء وتوجه مباشرة إلى قاعة المؤتمر في رام الله. قال إننا نعيش زمن الشلف ، يخطف المستقوي ما ليس من حقه، ومن واجب الكلمة الوقوف بجانب الحقيقة . ركز البطراوي على أن الكلمة مخاتلة كاذبة تتحول على أيدي المناضلين إلى تقد للأوضاع المتكلسة. ألقى المتحدث كلمة شفوية غير معدة لكنها استأثرت باهتمام الحضور واستنفرت نقاشا حيويا . نعى على الخطاب العربي سعيه الحثيث لإخفاء المسئولية عن الانتكاسات والكوارث، فأحال كارثة ضياع فلسطيني إلى مجرد "نكبة" ، أي عرض طبيعي كالزلزال أو الفيضان. وذلك إفراز فكر قومي يصر على التنصل من المسئولية. بالنتيجة لم تبذل جهود جادة للكشف عن الواقع العربي المعطوب بشتى تلاوين التخلف والهدر، هدر الإنسان وهدر الفكر والوعي والطاقات.
بعد ذلك استعرض مراحل حياته منذ أن ترأس تحرير مجلة مدرسية ، وهو طالب في المدرسة المتوسطة ، ثم تدرج إلى أن بات يكتب في مجلة الغد، وكانت مجلة المثقفين العرب اليساريين في فلسطين ، ويرأس تحريرها مخلص عمرو، وهو أديب ولغوي وفيلسوف. كما ارتبط البطراوي بصداقة مع إميل حبيبي.
بعد كارثة 1948، بقي محمد البطراوي في غزة ، وشهد عملية نهب واسع للأراضي من قبل إسرائيل و"الأقندية " العرب ، الذين حولوها إلى بيارات يعمل فيها اللاجئون بأجور زهيدة. تحولت غزة إلى سجن كبير، وكان من يسمح له بالسفر إلى القاهرة مضطرا لاصطحاب شرطي يدفع أجرته ومنامه بالفندق وتكاليف الإقامة والعودة . أما التجار فكانوا يتمتعون بحماية ضباط ، وكل شيء بثمنه. لم يكن المناخ الاجتماعي والسياسي مهيأ لظهور أدباء وشعراء جذريين من أمثال محمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم.
أثناء عمله بمجلة "الأفق الجديد" بالقدس في منتصف الستينات أقام صلة مع موظف بالمحافظة اعتاد إحضار صحيفة الاتحاد . ولدى مطالعتها لفت انتباهه شاعر شاب يوقع أشعاره باسم سميح القاسم.اعتقد البطراوي أن الشاعر الشاب ابن صديقه سليم القاسم الذي عرفه قائدا نقابيا ارتبط معه بصداقة في غزة أوائل الأربعينات. كتب عن الظاهرة وأرسل مقالة بعنوان " جذوة الشعر في الأرض المحتلة"، إلى كل من غسان كنفاني وشفيق الحوت وأحمد بهاء الدين.
في الأيام الأولى من الاحتلال كان يجلس بشرفة بيته المطل على الشارع ولا يغادره بسبب منع التجول، حين توقفت سيارة ونزل منها رجل لم يتعرف عليه في البداية . خاطبه الضيف بعبارة " بعدك طيب؟!" ودخل ، وإذا به إميل حبيبي . في نهاية المقابلة التي " ردت الروح" سأل البطراوي : بسرعة تزوج صديقنا سليم القاسم وكبر ابنه شاعرا موهوبا؟! ضحك إميل وصحح له خطأ ظنه. وأثناء الاحتلال عمل في صحيفة "الفجر الجديد "، التي استقطبت الأقلام الوطنية.
قال البطراوي إن شعراء المقاومة هم بعض ثمرات الحرية النسبية داخل إسرائيل . وأثارت الفكرة نقاشا مطولا بين الجمهور.
وتحدث إميل عشراوي وعادل الترتير وماجد البانا عن النشاط المسرحي بالقدس. ومن مداخلاتهم اتضح أن القدس عرفت المسرح عام 1909 ؛ إذ ادخله خليل السكاكيني إلى مدرسته. وفي عام 1920 تشكلت جمعية " التراث والتمثيل العربي" وقدمت مسرحيات . بعد الاحتلال اتخذت المقاومة طابع النشاط المسرحي وتعرضت بسبب ذلك للاضطهاد؛ ولكن الحزازات الفصائلبة انعكست داخل الفرق الفنية وأثرت سلبا على النشاط المسرحي. المسرح هوية ثقافية جرى التعبير من خلاله عن الغضب من كارثة حزيران . تم رصد سلبيات الواقع . حاولت بلدية القدس استدراج فرقة بلا لين للعمل تحت وصايتها ورفض العرض. قال ماجد أنه واجه أثناء التحقيق تهمة العضوية في فرقة بلا لين ورد بأنها التهمة الوحيدة التي أقر بها.
بدأت الحركة المسرحية في عقد السبعينات بفرقة بلالين ومنها تخرجت فرق عدة مثل الحكواتي وكشكول ودبابيس والمسرح الوطني الفلسطيني . وحصل اللقاء مع مسرحيين خلف الخط الأخضر ، أثمر عن محتوى جديد للمسرح. وحذر كاتب بصحيفة هارتس من ثورة ثقافية بالقدس تتجلى في نشاط مسرحي . بعد ذلك طورد المسرحيون وأخضعوا للتحقيقات وللمراقبة ومنع الاحتلال عددا من المسرحيات.
أخذ المسرح يهبط في عقد الثمانينات . بات مسرح القدس معزولا عن العالم بسبب الحصار ، وذلك رغم أن المسرحيين لاحظوا أن أعمالهم تقفز عن الحواجز.

وتضمنت مداخلة عادل الترتير السخط على ما آلت إليه أحوال الحركة المسرحية ، وأهاب بالمسرحيين التوحد تحت يافطة الفن الوطني الجاد.
نختتم العرض بما اختتم به المؤتمر . فقد أورد الناقد وليد أبو بكر بعض الأعمال التي تطرقت إلى القدس وكلها تقدم البطل سائحا يعدد أماكن القدس ويصفها ؛ لكنه يعجز عن التغلغل في سحر المكان. غالبية ما كتب عن القدس من إبداع نساء منهن سحر خليفة في رواية " الميراث" وليالي بدر في رواية " نجوم أريحا " وأماني الجنيدي، التي لم تصدر روايتها بعد من المطبعة.
سحر خليفة لم تتناول القدس مباشرة لكن البطلة في روايتها عبرت القدس وانطوت رواية ليالي بدر على ارتباط حميم بالمدينة. تجاوزت وصف المكان لتتعامل مع خصوصيات الذين يعيشون فيه ؛ " ولا يستطيع ذلك أن يعني أن بالإمكان اعتبار هذه الرواية رواية عن القدس ، لسبب بسيط هو أنها لم توظف المكان القدسي، ولا سكان المكان داخل النص الروائي، الذي استطاع أن يقدم أريحا مكانها الحميم بشكل أفضل".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
"القدس في كلمة"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في بعد كلمة سبحان الرب كلمة ممكن تنقال؟
» مصرية تطلب الخلع بعد 26 سنة زواج لـ"التفرغ للدعاء" على زوجها
» اتهام اسرائيل باستيراد 25 ألف طفل أوكراني لجعلهم "قطع غيار بشرية"
» فأرة "ملعونة" تؤجل ليلة الدخلة يوما كاملا!!
» ابيات من قصيدة "عندما يحزن العيد."....عبد الرحمن العشماوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Dreams way :: ساحة المختارات :: مختارات في حب الوطن-
انتقل الى: