جوليا دومنا ..امبراطورة روما السورية .. بقلم : نرجسة مغتربة

جوليا دومنا ..امبراطورة روما السورية

ولدت جوليا دومنا في إيميسا (حمص حاليا ) .. كان والدها، جوليوس باسيان، الكاهن الأعظم في معبد اله الشمس في ايميسا (في روايه اخرى الكاهن الاعظم للاله ايل جيبال اي اله الجبل ).
وبفضل مكانه والدها تلقت جوليا دومنا مع شقيقتها جوليا ميسا عنايه كبيره ..فدرستُ تراث الشرق القديم وتراث الإغريق سواءً بسواء ،
وأطلعتُ على ثقافة الرومان ..لذا كانت نموذجا للمثقف الهيلنستي الذي جمع في شخصيته ثقافة الشرق والغرب على السواء .
في عام 187 م ..تزوجت جوليا من (سبتيموس سفيروس )* ..الذي كان يكبرها ب 20عاما ..وقد أقدم على الزواج بها بعد أن سُحِرَ بجمالها الآخاذ ، وشعر بميل عظيم إليها ولا سيما إنه بفراسته فيها توسّم المستقبل الباهر الذي يبلغه باقترانه بها ، تردد في بداية الأمر لصغر سنها، لكنه أقدم على إعلان رغبته وذلك إثر اجتماعه بعرافة سورية..انبأته أن هذه فتاة ذات نجم عال ، وحظ حسن ، ومستقبل مشرق وسيقترن بها يوما ما رجل سيتسلّم عرش روما ..بعد زواجهما انتقلت "جوليا" مع زوجها إلى قصر بناه في "بيروت" وجمع فيه أهل الفلسفة والشريعة وأهل الهندسة، وكانت زوجة القائد تحتفي بهم وتتحدث إليهم بعلمهم وفنونهم حتى سحر "أولمبيان" الصوري بمواهبها الفعلية وقال: «مادام "سبتموس" حصل على هذا الكنز من ذكاء وجمال، فلا عجب أن يحصل على عرش "روما" يوماً ما». ‏وهذا ما حصل فعلاً... أصبح زوجها "سبتيموس" إمبراطوراً على "روما" ..وذلك عام3 19 م .
أنجبت جوليا دومنا ولدين هما انطونيوس الذي يعرفه التاريخ باسم الامبراطور كاركالا نسبة الى عباءة الكركال «السورية» التي صارت اللباس الرسمي لأرستقراطية روما طيلة ثمانين عاما .(.وهي المده التي توالت فيها على حكم روما اسر سوريه )..اما الابن الثاني فهو غيتا .
جعلت جوليا دومنا من قصرها المبني على هضبة البالاتين موئلاً للعلماء والفلاسفة والمفكرين ..ومن كل أصقاع الامبراطورية ..وخاصة السوريين ..، فقد فتحت أبواب قصرها للسوريين الذين وفدوا إليها كعلماء ومفكرين وفلاسفة ورجال دين وربما هذا مادفع البعض للقول ان مياه نهر العاصي تصب في نهر التيبر بايطاليا (كنايه عن التاثير السوري بروما في تلك المرحله ) .واستعانت "جوليا" بعدد منهم ..لتشكل ما عُرف بالمجلس العلمي ..الذي ضم العلماء ء والشعراء والفلاسفة والأطباء والمؤرخين ..ونظمت فيه حلقات العلم والمناقشة وأشرفت بنفسها على المناظرات والمحاضرات .. لقد أحضرت من سوريا (أميلوس بابنيان) أعظم فقهاء الرومان و(أولبيان)و(بولس) ، ويضم هذا المجلس أيضا الفيلسوف الحكيم (فيلوستراتيوس) ولقد أقنعته بكتابة سيرة (أبولونيوس) ، ومن الأطباء لدينا (جالينوس) وفي هذا المجلس من المؤرخين (ديوجينوس و لائرتيوس و ديوكاسيتوس ).
هبت رياح المشاكل والازمات على الامبراطوره ..بعد وفاة زوجها عام
211 م ..تولى الحكم -حسب رغبته- كاراكلا و گيتا معاً، وإن كانت لكركلا الكلمة الفصل كونه الأكبر سناً (البكر)، وبسب العداء المستحكم بينهما، أقتربت الأمور من الحرب الأهلية في الإمبراطورية الرومانية..
إلا أن كركلا قام في الحادي عشر من كانون الثاني 211 م بقتل أخيه غيلة بعد أن كان دعاه إلى لقاء مصالحة، وذلك في أحضان جوليا دومنا التي حاولت حمايته، مما أدى إلى إصابتها هي أيضاً، كما قتل الآلاف من اتباع أخيه، كما منع إقامة مآتم أو إظهار الحزن على گيتا، بما في ذلك جوليا دومنا نفسها، التي عانت كثيراً كأم ممنوعة من الحزن على إبنها.
و قد اطلق الشعب على كراكلا لقب قاتل اخيه ..ثم لقب قاتل اخيه و بابنيان ..لانه قام بقتل بابنيان الذي رفض طلبه بان يُعد رساله يستخدم فيها كل ما أوتي من مهارة وفصاحة في سبيل تلمس الأعذار لهذه الفعلة ، ولكن المفاجاة التي لم يكن ( الإمبراطور كاراكلا ) أن يتوقعها هي رفض رجل العدالة هذا الأمر وقال في إباء وشجاعة مؤثرا فقدان حياته على ضياع شرفه : " إن قتل الأشقاء أهون من تسويغ هذا القتل ".. وقال ردا على الإمبراطور حينما حاول أن يجعل عمله دفاعا عن النفس : " إن اتهام قتيل برئ بالقتل قتل له ثان " ، وكان هذا الجواب المشهور سبب ضياع حياته .
إذ لم تقف أوغستا جوليا دومنا مكتوفة اليدين ..بل تدخلت في الحكم محاولة الحد من تصرفات ابنها القاسية وتقويم قراراته المرتجلة ، وكانت دائمة النصح له ، وكل همها أن تبطئ من اندفاعه وتقلل من أخطائه ما أمكنها ذلك.
استولت على الإمبراطور (كاراكلا) فكرة غزو الشرق تشبها بـ(الإسكندر المقدوني) فانتقل إلى انطاكية ليقوم بمهاجمة (بارثيا) ، وعهد إلى والدته أوغستا (جوليا دومنا) تصريف شؤون الحكم المدني واعتبرها أمينة سره ورئيسة ديوانه ، تستلم الرسائل وتجيب عليها ، لذا فهي تحل محله في استقبال رجال الدولة والأجانب .
وفي عام 217 م قٌتل كاراكلا على يد جنوده وبتحريض من قائد الحرس الإمبراطوري (ماكرينوس ) الذي استولى ) على السلطة،
ولم يدخر وقتا في التخلص من (جوليا دومنا) ، إذ قام بنفيها إلى (انطاكية) ..لكنها رغم ذلك فقد أحتفظت جوليا دومنا بصلاحيات عديدة في زمن القيصر مكاريوس، إلا أنها عندم أخذت بممارسة هذه الصلاحيات، تنبه مكاريوس إلى إمكانية إستعادتها لمجدها السابق في حكم الامبراطورية ، فأمرها بمغادرة أنطاكية، الأمر الذي يعني نهاية نفوذها، مما جعل صحتها تسوء وصولاً إلى موتها في العام 217 م .
تتضارب الروايات التاريخيه حول نهايتها ..فالبعض يروي انها امتنعت عن الطعام والشراب حتى ماتت ..و البعض يرى انها ماتت نتيجه المرض .كما تتضارب الروايات حول دفنها فحسب احدى الروايات دفنت في انطاكيه ..وفي اخرى ان جثمانها نقل إلى روما ودفن في مقابر الأباطرة الرومان ، وهذا دليل على ما كانت تحظى به من احترام ومحبة في قلوب الرومان .
ملاحظات لا بد منها :
-----------------------
ملاحظات لا بد منها :
اتهم البعض جوليا دومنا بعده اتهامات ..الا ان غالبيه المورخين يسقطون هذه التهم عنها ..ولا يعيرونها اي اهتمام ..ولعل ابرزتلك التهم هي ..انها حافظت على بعض العادات الاباحية التي حملتها معها من بلادها التي اشتهرت بين حضارات ما قبل الميلاد بطقوس الخصب والبغاء المقدس حيث تتم الموبقات جميعها تحت سقف المعبد وحوله برعاية الآلهة الوثنية الفينيقية والكنعانية التي لم تكن متزمتة في مسائل العلاقة بين الجنسين كآلهة الميثولوجيا الاغريقية والفرعونية ..لكن ما يجعل المؤرخين يسقطون هذه التهمة هي أنها جاءت على لسان و صديق زوجها الحميم «بلوتونيوس» الذي كان يطمح بالحكم من خلال تزويج ابنته بابن جوليا دومنا (كاركلا )..لكنه لم ينجح بذلك ..كما أن المؤرخ (ديو ) لم يذكرها بأيٍّ من تلك الصفات ..او بأيّ سؤ .
كما اتهمت بمعاداتها للمسيحين الاوائل ..وهذا زعم ينفيه «تورتون» الذي يرى من خلال تحليل وثائق تلك الاسر السورية التي حكمت روما ان جوليا دومنا اكرمت معتنقي المسيحية ورحبت بهم، لكنهم لم يقاسموها الترحيب والاكرام وقد رفضت الانضمام اليهم كديانة لعدم قناعتها بالمعرفة الاشرافية، فهي ابنة حضارة عقلية تجد من الصعوبة ـ مثلا ـ ان تقبل موقف الكاتب المسيحي تيريتوليان من المعرفة حين قال: «ليس لنا حاجة للشوق للمعرفة ما دام عندنا يسوع المسيح، او ان نسأل اسئلة ما دام لدينا الانجيل». وفلسفة دومنا كما تأتي على لسان فيلوستراتوس لا تتعصب لدين ضد آخر..يقول جودفري تورتون «ان فلسفة جوليا الاعتدالية والمتسامحة ظهرت في احد اقوال فيلوستراتوس على لسان حكيم سأله شاب عن فضائل العزوبية» فقال: «انني لا اعتبر من الحكمة تحدي اي واحد من الآلهة كما تحدى هيبوليتوس افرودايت اذ انه من الاحكم والافضل ان يعيش الانسان على وفاق مع جميع الآلهة .
ختاما يمكن القول ان جوليا دومنا ..ربما تكون صاحبه اول صالون ادبي نسائي إن صح التعبير ..لم تكتفي برعايه العلماء والادباء و المفكرين ..بل يُؤثرلها ..تأثيرها الكبيرعلى ابنها كاركالا كي يُشرع واحدا من اهم التشريعات التي مرت على روما عبر تاريخها الطويل ..وهو منح حقوق المواطنه ..لسكان الولايات الرومانيه بعد ان كانت حكرا على اهل روما فقط.
أما وجهه نظري الخاصه ب جوليا دومنا ..فهي انها واحده من اعظم نساء التاريخ على الإطلاق فقد منحت بحكمتها وذكائها سوريه المكانه التي تمردت من اجلها زنوبيا ..وفاقت بعلمها و ثقافتها كليوباترا..وربما فاقت بجمالها نفرتيتي ...فكانت جوليا دومنا ثلاثتهن معا .
-------------------------------------------------------------
*لوشيوس سيبتموس سيفيروس : امبراطور روماني من أصل ليبي ولد في ماتعرف الآن ليبيا والتي كانت وقتها تعرف وقتها بمقاطعة أفريكا وتحديدا في مدينة لبدة الكبرى.

ا سمحولي بتعليق بسيط
هناك جوانب كثيره جدا ..لم يتسع لها المكان او الزمان كي اوردها هنا عن جوليا دومنا ..ف صدقا لو اردت الاحاطه بالموضوع من كافه جوانبه لاحتجت اكثر من ثلاث مقالات..لذلك عذرا ان اغفلت بعض النواحي
لكم محبتي

نرجستنا الغالية .... يسعد صباحك وكل أوقاتك يارائعة ... وشكرا على المعلومات المفيدة ....
كل التحية والتقدير ....

كتير حلوة هالقصة وهالمعلومات يلي قدمتين
شكرا كتير
ومن طول عمرا مدينة حمص تنجب أباطرة ومميزين

ايه يا خيتي نرجسة معلومات ذهب ايه والله وحلو الواحد يعرف عن سكان منطقته الاقدمين ومن تصفحنا لماضينا منشوف انه سكان منطقتنا مكانتهم و علمهم كان بالقمة مثله مثل اماكن ثانية بالعالم يسلمون كتير نرجسة

اقتباس :: وبفضل مكانه والدها تلقت جوليا دومنا مع شقيقتها جوليا ميسا عنايه كبيره ..فدرستُ تراث الشرق القديم وتراث الإغريق سواءً بسواء ،
وأطلعتُ على ثقافة الرومان ..لذا كانت نموذجا للمثقف الهيلنستي الذي جمع في شخصيته ثقافة الشرق والغرب على السواء .

بعتقد بالنص المقتبس الضمة على حرف التاء بكلمتي درستُ و اطلعت ُ بعتقد سكون .. يرجى التصحيح لي إن كنت مخطئاً
الصديقة نرجسة : شكراً لهذا العرض الذي أتمنى أن يلحقه بعض التفصيلات عندما تملكين الوقت
فالنص أخذ طابعاً سياسياً رغم أن نهايته أشادت بالطابع الفكري لجوليا دومينا .. والطابع الفكري بعد تلك القرون من الزمن هو أهم برأيي من الطابع السياسي رغم أننا لا نستطيع تجاهله .. والسياسة كانت ومازالت مسيطرة بشكل أو بآخر على الفكر .. ولكن يبقى الفكر وتموت السياسة .. أتمنى بمقالة أخرى أن نستغل وجودك بيننا كمختصة بهذا المجال أن تعرضي الجانب الفكري لجوليا بشكل أوسع
وخاصة بعض أقوالها .. آرائها الحرفية
شكراً لك نرجسة على عرض الموضوع

يسعد مساكم يا اصدقاء
ابن الضيعه الاصيل ..مرورك غالي على قلبي كتير..بشكرك من كل قلبي
العزيزه مي ..كلامك صحيح ..جوليا دومنا و اسرتها ..حكموا روما لاكثر من ثمانين عام ..ويقال ان سلالتها ما زالت موجوده حتى اليوم في حمص (ال سفور..والوثائق التي تثبت ذلك موجوده في ارشيف كنيسه ام الزنار)..شكرا لمرورك الكريم.
العزيز وجدي ..بشكرك من كل قلبي على تعليقك ..و متل ما اتفقنا ..بس خلص امتحان ..تكرم عيونك ..وهيدا وعد ..ودائما جاهزه لاي سؤال .
العزيز مهند ..دائما تعليقاتك تعكس بعد الرؤيا لديك ..اما منشان الاخطاء الاملائيه و النحويه الوارده بالمقال ..فانا بعتذر عنها ..بس انت بتعرف انه ما عندي نظام كتابه عربي ..لذلك بشوف صعوبه كبيره بالكتابه والتنقيح ..الضمه بكلمه (فدرست ) تابعه لكلمه تراث ..اما التانيه فهي خطأ ..بعتذر عنه ..(و الله يا مهند انا كتير شطوره باللغه العربيه )
اما بشان التوسع بفكر جوليا..انشالله بكمل عنها ..بس مو قبل ما خلص امتحان .
شكرا للجميع

نرجسة ..اختيارك كتير موفق وجميل

تسلم ايدك

صبا الغالية ..شكرا يا أميرة ..واشتقتلك كتيررررر

ليس ذنبي ان اتيت متأخرا

ولكن هذه المعلومات التاريخية التي تفوح منها رائحة السياسة والحسرة على الماضي اجبرتني ان أقول

كل ما أوردتي لنا يا شذى رائع

وليت الشباب والزمان يعود يوما لأخبره بما فعل بنا ال.................

» عناة لازالت تنتظر... بقلم نرجسة مغتربة
» أحبك أيها الثلج ..بقلم نرجسة مغتربة
» سيتم نقل العاصمة السورية دمشق الى حمص
» رحبوا معي .... بنرجسة مغتربة
» حماصنة" يطالبون بجعل مدينتهم السورية عاصمة عالمية للضحك