كلمَاتٍ قدْ تطرُقُ بَابَهَا اليَومَ

كَانَ تِلمِيذاً مُجتهِدَاً كَكُلِّ التَّلامِيذِ فِي صَفِّهِ وعُمُرُهُ تجَاوَزَ السَّنتينِ بَعدَ العَاشِرَة ولمْ يَتجَاوَزْ الثَّالِثَة عَشرَةَ عِندمَا أحَبَّهَا.

لمْ يَجرُؤْ حَتَّى أنْ يَبُوحَ بِمَا يَجُولُ في خَاطِرِهِ رَغمَ كُلِّ المُحَاوَلاتِ اليَائِسَةِ.

كانتْ رَقِيقةً لِحَدِّ الشَّفافِيَة ، جَمِيلةٌ حََتَّى الخُرَافة .

كانتْ فاتِنَةً كَمَا فِي حَكايَا الجَدَّةِ والأحلامِ الطُّفوليَّةِ ، نظرَ إليهَا دَائِمَاً بِعُيُونِهِ العَاشِقةِ وقلبِهِ الأبيضِ الصَّافِي.

كانَ يَراهَا كُلَّ يَومٍ في القِسمِ الأوَّلِ مِنَ النَّهَارِ ويَقضِي مَا تبقَّى مِنَ القِسمِ الثَّانِي يُفكِّرُ بِهَا وفِي الليلِ كانتْ بَطلةَ أحلامِهِ الأولى وَالأخيرة

كانتْ لا تُفارِقهُ على مَدَارِ السَّاعَةِ.

كانتْ وَرَاءَ إحسَاسِهِ المُرهَفِ .

كانتِ الأمَلَ الذي مِنْ أجلِهِ يَستيقِظُ كُلَّ فجرٍ جَدِيدٍ مِنْ رَحِمِ اللَّيلِ، وَالأُغنيَةَ التي تُطلقُهَا عَصَافِيرُ الجَّنَّةِ ،كانتْ لهُ كقطرَةِ النَّدَى.

نعَمْ كانَتْ لهُ الجَّنَّةَ التي يَنتظِرُهَا.

شعَرَتْ بِهِ ، دَاعَبتهُ بِبَرَاءَةٍ وأشعَرَتهُ بِدِفئِهَا فأحتَرَقَ ولمْ يَشعُرْ بالألمِ.

لقدْ رَأتْ في عَينيهِ الطَّيِّبتينِ كَمْ هُوَ مُتيَّمٌ بِها ،أحَبَّتهُ بِلا حُدودٍ ولا تحَفُّظٍ ، كانَ بالنِّسبَةِ لهَا مُجَرَّدَ طِفلٍ.

مَاذا ؟؟؟ طِفلْ !!..

نعَمْ مُجَرَّدَ طِفلٍ جَميلٍ ، طِفلٌ يَنظُرُ بِعَينينِ لا تعرِفانِ حُدُوداً وترفِضُ مَقاييسَ العُمرِ وتتعرَّفُ للمَرَّةِ الأولى عَلى تَضَارِيسِ وجُغرَافيَةِ الجَّسَدِ.

فقدْ رَاقبَ مَلابِسَهَا ،أحصَى ابتسَامَاتِهَا وكَلِمَاتِهَا ،كانتْ عَيناهُ لا تفارِقهَا.

طفلٌ رَفضَ رِياضِيَّاتِ وفِيزياءِ الحُبِّ ، وحَالةَ المُثلثِ والمُرَبَّعِ والمُخَمَّسِ فِي الحُبِّ.

طِفلٌ رَفَضَ كُلَّ القَوانِينِ . طِفلٌ أحَبَّ حتَّى الهَذَيانِ فتاةً تكبُرُهُ عُمراً وقدراً..

عُمُرُهَا وَاحِدٌ وَعُشرونَ وترتدِي الجِينزَ وترسُمُ بقلمِ (البِيك) الأزرقِ على البنطالِ حَرفاً باللغَةِ اللاتينيَّةِ بشكلِ حرفِ ( الآتش )

مازالَ هذا الحَرفُ إلى اليومِ يُقلِقهُ وأحيَانَاً يَأتِيهِ عَلى شَكلِ كابُوسٍ ليليٍّ يُؤَرِّقهُ.

مازالَ يتسَاءَلُ حَتَّى اليَوم عَنْ مَعنَى هَذا الحَرفِ ولمْ يجِدْ جَوابَاً يُرضِيهِ ، رَفضَ كُلَّ الاحتمالاتِ فقدْ أصبَحتْ غَيرَتُهُ الجَّامِحَةُ عَائِقاً أمَامَ كُلِّ الاحتمالاتِ والفرَضِيَّاتِ المُمكِنةِ.

عَلاقتُها الطيِّبَةِ بالأسرَةِ كانتْ سَبَبَاً لِتزُورَهُمْ في بَيتِهِمْ ، تَخَيَّلَ زِيَارَتهَا لهُ ، تََخيَّلَ مَجِيئَهَا إليهِ هُوَ ،كمْ كانَ سَاذَجَاً ، كمْ كانَ تائِهَاً وَبَرِيئاً.

جَاءَ العِيدُ الذي طالمَا أنتظرَهُ ، أغتنَمَ الفُرصَةَ وزَارَهَا مَعَ صَديقٍ للمُعَايَدَةِ ، نظرَ آلافَ المَرَّاتِ للمِرآةِ قبلَ الذَّهابِ ، رَتَّبَ ثِيَابَهُ وشَعرَهُ عَشَرَاتِ المَرَّاتِ قبلَ أنْ يَطرُقَ البَابَ .

لملمَ أفكارَهُ وأعذارَهُ التي جَمَعَهَا ، وكَلِمَاتِهِ التي تدَرَّبَ عَليهَا أمَامَ جَميعِ المَرايَا في البيتِ والدَّمعُ في عَينيهِ وقلبُهُ الصَّغيرُ قد تسَارَعَتْ دَقاتُهُ كالطبلِ الإفرِيقِيِّ.

كانَ عَازِمَاً على البَوحِ برَغَبَاتِهِ وَحُبِّهِ الجَّامِحِ ، إستقبلتهُ وبِصَدرٍ رَحبٍ قدَّمتِ الشَّايَ والبِسكويت والحَلوى.

خَرَجَ وقدْ خذلتهُ الجُرأةُ وخانهُ التَّصمِيمُ ، خذلتهُ كلمَاتهُ وخانتهُ أفكارُهُ فقدْ كانتْ تلكَ الرَّائِعَةُ تلكَ الوَاحةُ التي أسترقَ مِنها الإلهَامَ والنَّشوةَ.

لقدْ كانتْ مُعَلِّمَتهُ في مَدرسَةٍ لمْ ولنْ تعرِفَ أبداً كرَوعَةِ هَذهِ المُعلمَةِ!!

مَضَى وقتٌ طوِيلٌ وأصبحَ طِفلنا رَجُلاً ورَأى مِنْ وَاجِبِهِ أنْ يَبُوحَ بِحُبٍّ يُذَكُرُهُ إلى اليَوم.

كلماتٍ ليسَتْ كالكلمَاتْ ،حُلمٌ طُفولِيُّ المَلامِحِ والخَلجَات.

كلمَاتٍ قدْ تطرُقُ بَابَهَا اليَومَ

كلماتٍ قدْ تصِلُ للسَّماءِ وتعُودُ إليهَا

كلماتٍ قد تصِلُ اليَومَ أو بَعدَ حِينٍ لصَاحِبَتِهَا

كلماتٍ قدْ تقرَؤهَا اليَومَ وتعلمُ كمْ كانَ ذاكَ الشِّبلُ مُتَيَّمَاً بِهَا

كلمات الحب الأول واللهفة الأولى
تُحفر على ضوء القمر
لا تمحيها لا فرضيات ولا نظريات الكون
بسام البني شكرا ع الكلمات الجميلة

أهلين صبا كيفك؟؟..
شكراً مرورك الكريم .. Very Happy

الحب البريء من كل شائبة يكون بلا حدود وخاصة عندما ياتينا ونحن اطفال لانعلم من الحياة الا اللهو والفرح وونظر الى كل شيئ بحب
لقد احببت معلمتي ليس كبطلك يا بسام لكن احببتها وكانت ملهمتي وسبب في حصولي على افضل النتائج في مادة الرياضات توقفت عن تعليمي وتوقفت درجاتي عن الصعود
شكرا لك

يسعد أوقاتك صديقي

نعم أنه الحب البريء الذي لايخدش فينا الكبرياء ....

كم أحب طالب مدرسته ... أحبها ربما للطفها ...

خاطرة رائعة

تقبل تحيتي

... عدد المشاركات : 1452 تاريخ التسجيل : 08/09/2008

حبنا للمعلمة.... هو حبنا للمستحيل.... و بقايا مخلفات... من عصر المراة في وعي الجماعة .... حيث كانت هي .. رأس العشير.... حبنا للخصب... و لأصولنا الأولى .... بل حنيننا... للقوة الخصبة.... تحكم بعد إنحسار...

بسام... النص...هو مساحة ضوء... على حدث يتكرر كل ساعة... أضفت إليه بعضاً من شفافيتك المعهودة... فغدا تاريخاً.... بسام الرائع... شكر و تقدير...

محبة....

رائع احساسك بأصل الوجود
هي أمنا الثانية صنعت وجودنا عندما كنا في طور البناء
والغيرة عليها كما غيرتنا على محبوتنا اليوم
هكذا هي صورتها
صافية نقية .. كيف لنا أن ننسى أمنا الثانية
عبرت يا صديقي مايجول في ذواتنا
لك كل الشكر والتقدير