تمتلك سورية المناخ الملائم لإنتاج كميات كبيرة من الورود والزهور المختلفة التي تشكل جزءاً من نمو الاقتصاد وروافده ومن أهم هذه الزهور الوردة الدمشقية إذ يتراوح سعر الليتر الواحد من زيت الورد الشامي ما بين 10 إلى 12 ألف دولار ويعطي كل واحد كيلوغرام من الأزهار 800 غرام من ماء ورد وكل واحد كيلوغرام من بتلات الورد واحد كيلوغرام من ماء ورد وأن كل عشرة أطنان من الوردة الشامية تنتج كيلوغراماً واحداً من زيتها ما يستدعي الاهتمام بها والتوسع في زراعتها فهي أبقى من النفط وأغلى من الذهب .
وتعد هذه الوردة الأشهر بين الورود في العالم على مدى العصور فذكرت في الإلياذة والأوديسا للمؤرخ الإغريقي هوميروس ودونت في ذاكرة الإغريق عندما ذكرتها الشاعرة الإغريقية سافو في القرن السادس قبل الميلاد وأطلقت عليها ملكة الأزهار كما ذكرها الكاتب والشاعر الانكليزي شكسبير في إحدى مسرحياته بقوله جميلة كجمال وردة دمشق وفي شعر نزار قباني اشتهرت بزراعتها دول كثيرة فرنسا وبلغاريا ونقلها الحجاج المسلمون إلى المغرب العربي وتركيا وإيران .
ويذكر المؤرخون أن زراعة الوردة الدمشقية انتقلت إلى العالم القديم بواسطة اليونانيين والرومان وقدماء المصريين ثم إلى أوروبا في العصور الوسطى خلال حرب الفرنجة وأخذت أهميتها وشهرتها وانتشرت
في أنحاء العالم لكثرة فوائدها العطرية والطبيبة والتجميلية والغذائية الكبيرة
.
تحتوي الوردة الشامية على زيت عطري طيار يعرف بزيت روز كام وعلى مركبات مهمة مثل الجيرانيول السيترونيلوم ويستعمل الزيت العطري المستخرج منها لصناعة أفخر أنواع العطور في العالم وأغلاها ثمنا إذ يحتاج إنتاج واحد كيلوغرام من الزيت العطري إلى 4 أطنان من الأزهار ويستعمل زيت الورد الدمشقي أو ماء الورد في العديد من الصناعات التجميلية مثل المراهم والصابون والشامبو وفي الصناعات الدوائية كمهدئء للأعصاب وطارد للغازات ومنشط للدورة الدموية والكبد والمرارة وتنشيط الجسم .
ويقول أحد مصنعيها.. لهذه المهنة أسس وقواعد لا يسمح للمتطفلين بالدخول إليها وسر هذه المهنة ينشأ منذ الصغر بالخبرة والدقة في تركيب العطور لافتا إلى أن شيوخ الكار الذين يصنعون العطور ويورثون خبراتهم لأولادهم من بعدهم حريصون على تعليم أبنائهم تفاصيل الصنعة لأن للعطور الدمشقية تطبيقات علاجية ونفسية وعصبية وبدنية اتبعت منذ مئات السنين ما جعلها تحافظ على استمراريتها كما انها تستخدم في علاج اضطرابات الهضم وارتفاع ضغط الدم نظرا لما تختص به من مفعول مطهر فاستنشاق الياسمين أو الليمون يؤدي إلى زيادة التنبيه والتركيز .
وأوضح أحد تجار العطور في السوق المسقوف أن الياسمين والنرجس والفل والعنبر والوردة الشامية خاصة التي تستخدم على نطاق واسع هي من أهم الورود المستخدمة في العطورات الشامية وهي مطلوبة من الدول الأجنبية وتكمن أهميتها الاقتصادية في مجالات طبية وعطرية وتزيينية عدة لاحتوائها على عطر الورد إذ يساوي سعر الغرام من الزيت العطري للوردة الشامية سعر الغرام من الذهب الخالص.
ويقول مصنع آخر إن العطور الطبيعية تدخل في تحسين أمهات العطور الغربية فلا يوجد عطر غربي إلا ويدخل في تركيبه إما الورد أو الياسمين أو البنفسج أو المسك أو العنبر مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تراجع طلب الدمشقيين على العطور الدمشقية زاد الطلب عليها من الأجانب والمغتربين.
ويؤكد أن كثيراً من العطور الأجنبية التي تعتمد في تركيبها على الورود الشامية تباع في السوق السورية بأسعار مرتفعة بينما يرى أيمن معراوي الخبير بالعطور أن صناعة العطور تراجعت كثيراً رغم
رائحتها الفواحة والمهارة في تركيبها بسبب ابتعاد الجيل الشاب عن الاهتمام بالعطور المحلية
.
ووصل صيت الوردة الشامية الى جميع أرجاء العالم تحت اسم الوردة الدمشقية لاروزا داما سكينا وتنتشر شجيراتها في بلاد الشام وخصوصا في غوطة دمشق وريفها وهي من الشجيرات المهددة بالانقراض بسبب قلة الاهتمام بها وتراجع زراعتها بعد دخول أصناف عديدة من الورود الحديثة ما دعا وزارة السياحة إلى الاهتمام بهذه النبتة كجزء من الاهتمام بمدينة دمشق عندما أطلقت مهرجاناً خاصاً بها وغرفة زراعة دمشق الى الإعلان عن منحة دراسية لتقديم شهادتي الماجستير والدكتوراه عن الوردة الدمشقية وتشكيل لجنة خاصة حولها من مهامها إعادة تشجيع زراعتها وتطوير صناعتها.
ويوجد في منطقة القلمون بريف دمشق 600 ألف شتلة موزعة على 1500 دونم تزهر الوردة مرتين سنويا واطلق عليها اسم وردة الفصول الأربعة وأول من اكتشفها في العالم العربي العالم الكبير ابن سينا في مطلع القرن الحادي عشر.
وتزرع بشكل مروي ضمن بساتين خاصة بها في منطقة يبرود وقدمت لها عناية خاصة إذ يبلغ طول الشجيرات من 2 إلى 5ر2 متر وتعطي إنتاجاً متميزاً ويقدر عددها بـ 2000 شجيرة وفي غوطة دمشق وجدت شجيرات الورد الشامي بشكل متفرق ضمن البساتين وعلى محيطها كأسوار وأسيجة لبساتين الاشجار المثمرة كما زرعت في جبل الشيخ بمنطقة عرنة على ارتفاع يترواح بين 1400 و1600 متر وبمعدل أمطار يزيد على 800 ميلمتر وبشكل بري بأماكن متفرقة وتوجد بشكل مزروع كأسيجة حول البساتين وفي المنطقة الشمالية تزرع شجيرات الورد الشامية ضمن مساكب يتراوح عرضها بين 5ر1 و3 أمتار وتوجد بكميات كبيرة نسبيا تتراوح بين 1500 و2000 دونم وهي زراعة مروية تتم عملية تقليمها التجديدي كل 3 إلى 5 سنوات ولم يلاحظ وجود شجيرات من هذه الوردة في منطقة الفرات رغم أن المصادر التاريخية تشير إلى أن هذه المنطقة كانت ملأى بالوردة الشامية.
ولوحظ وجود شجيرات منها بشكل فردي ومتفرق في حدائق البيوت القديمة في اغلب المحافظات السورية ومن الملاحظ تراجع زراعة الورد الشامي وعدم زراعته بشكل اقتصادي ويقام سنويا في مدينة صغيرة بالمغرب العربي مهرجان للوردة الدمشقية في أجواء عطرة تعبق بقلائد الورد تزين أعناق الصغار والكبار وتباع خلاله مستحضراتها كالصابون والمراهم والزيوت وزجاجات ماء الورد ما يشكل تجارة رابحة لسكان المدينة.
.
والوردة الدمشقية شجيرة قائمة كبيرة الحجم قوية النمو والتحمل للظروف البيئية المختلفة كثيرة التفرع اوراقها مركبة ريشية فردية الطرف لها اذينات ظاهرة تلحم بعنق الورقة والوريقات بيضاوية الشكل مسننة منشارية وهي معنقة متبادلة الوضع على الفروع تصل أعدادها من 3 إلى 7 أزواج تتراوح أطوالها بين 5ر3 إلى 5 سم وعرضها من 2 إلى 3 سم تغطي سوقها الأشواك الحادة وثمارها كبسولية الشكل حمراء اللون غنية بفيتامين سي بنسبة عالية إذ كان البحارة يحملون معهم هذه الثمار ويتغذون عليها للوقاية من مرض الاسقربوط ويستخدم مغلي الثمار مع البذور لمعالجة الحصى والرمل في الكلي .
تحمل شجيرة الورود الشامية أزهارا عطرية وردية اللون تخرج في عناقيد مشطية المظهر تتفتح أزارها في فصل الربيع وتتراوح أعدادها في المناطق الجافة والبعلية بين 250 إلى 300 برعم تقريبا وبين 1500 و2000 برعم للشجيرات المروية وقد يصل إلى 5000 برعم بينما يتراوح عدد البتلات بين 30 و40بتلة تقريبا للزهرة الواحدة ويبلغ متوسط وزن الزهرة الواحدة بين 2 إلى 5ر2 غرام ويتراوح حجم الشجرة في الزراعة البعلية بين 1 إلى 5ر1 متر مكعب وفي الزراعات المروية تصل أبعادها إلى 5ر1 و5ر2 متر .