عطرٌ ونورٌ في الفضاء |
والأرضُ تحتضنُ السماء |
والشمسُ تنظرُ بارتياح للقمر |
والزهرُ يهمسُ في حياءٍ للشجر |
والعطرُ تنشُره الخمائلُ |
فوق أهداب الطيور |
والنجمُ في شوق تصافحه الزهور |
ضوء يلوح من بعيد |
الأرضُ صارت في ظلامِ الليلِ |
لؤلؤةً يعانقها ضياء |
والناسُ تُسرعُ في الطريق |
صوتٌ يدندن في السماء |
الآن ، عاد الأنبياء |
*** |
هذا ضياء مُحمدٍ |
ينسابُ يخترقُ المفارقَ والجسور |
عيسى وموسى والنبيُ محمدٌ |
عطرٌ من الرحمنِ في الدنيا يدور |
هذي قلوب الناسِ تنظرُ في رجاء |
أتُرى يعودُ لأرضنا زمنُ النقاء ؟ |
أهلاً بنور الأنبياء |
*** |
موسى يداعبُ زهرةً |
ثكلى ..فينتبه الرحيق |
الزهرة الخرساءُ تهمسُ : مرحباً |
يا أنبياءَ الحقِّ قد ضاع الطريق |
الزهرةُ الخرساءُ تهتف في ذهول : يا أنبياءَ الله |
يا من ملأتم بالضياء قلوبنَا |
يا من نثرتم بالمحبةِ دربنا |
بالقلب أحزانٌ وشكوى تختنق |
وربيع أيامٍ يموتُ .. ويحترق |
فالأرضُ كبلها الضلال |
تاه الحرامُ مع الحرام مع الحلال |
والخوفُ يعبثُ في النفوس بلا خجل |
والفقرُ في الأعماقِ يغتالُ المنى |
ماذا يفيدُ العمرُ لو ضاعَ الأمل؟ |
*** |
الأرضُ يا موسى تضجُ من الجماجمِ والسجون |
أطفالنا عرفوا المشانقَ |
ضاجعوا الأحزانَ |
في زمن الجنون |
والشمس ضلت في الشروقِ طريقَهَا |
فهوت على شطِّ الغروب |
وتأرجحت وسط السماء |
ما بين شرقٍ جائرٍ |
ما بين غربٍ فاجرٍ |
الشمسُ تاهت في السماء |
ما عاد فيكِ مدينتي شيءٌ ليمنحنا الضياء |
فالليل يحملُ كالضلالِ سيوفه |
وبحارُنا صارت دماء |
من ينقذ الشطآن من هذي الدماء |
في كل ليل داكنِ الأشباح تنتحرُ القلوب |
في كلِّ يوم تسخرُ الأحلامُ من زمنٍ كذوب |
في كل شبر |
من ترابِ الأرضِ أحلامٌ تذوب |
قالوا لنا يوماً |
بأن الأرض كانت للبشر |
موسى بربكَ هل ترى في الأرضِ |
شيئاً .. كالبشر ؟ |
*** |
عيسى رسول اللهِ |
يا مهد السلام |
هذي قبورُ الناسِ |
ضاقت بالجماجم والعظام |
أحياؤنا فيها نيام |
وعلى جبين اليأسِ |
مات الحبُ وانتحر الوئام |
الحقُ مصلوبٌ مع الأنفاسِ في دنيا الدجل |
والحبُ في ليل الدراهمِ |
والمخابئ والمباحثِ لم يزل |
يشكو زماناً يُسحق الإنسانُ فيه بلا خجل |
*** |
أهلاً رسول اللهِ |
يا خير الهداةِ الصادقين |
أنا يا محمدُ قد أتيتكَ |
من دروب الحائرين |
فلقد رأيتُ الأرضَ |
تسكرُ من دماء الجائعين |
والناسُ تحرقُ في رفاتِ العدلِ |
ماتَ العدل فينا من سنين |
أنا يا رسولَ الله طفلٌ حائرٌ |
من يرحم الآباءَ من يحمي البنين ؟ |
الناسُ تأكلُ بعضَها |
هذي لحومُ الناسِ نأكلها ونشرب خلفها |
دمعَ الحيارى المتعبين |
رفقاً رسولَ اللهِ لا تغضب فهذا حالُنا |
فلقد عَصينا الله في زمنٍ حزين |
ماذا تقولُ إذا سرقتُ الناس خبّرني |
وطيفُ الجوع يقتل طفلتي؟ |
وأنا أموتُ على الطريقِ وحوله |
يسري اللصوصُ وهم سكارى |
من بقايا مهجتي ؟ |
بالله خبرني رسول اللهِ |
أين بدايتي .. ونهايتي ؟ |
أتُرى أعيشُ العمرَ مصلوبَ المنى ؟ |
*** |
أنا يا رسول اللهِ |
لم أعرف مع الدجل الرخيص حكايتي |
ماذا أكونُ ؟ ومن أكونُ ؟ أمام قبر مدينتي |
وأموتُ في نفسي .. أموت |
وأموتُ في خوفي .. أموت |
وأموت في صمتي .. أموت |
أنا يا رسول الله أحيا كي أموت |
قالوا بأن الموت موتٌ واحدٌ |
وأمام كل دقيقة قلبي يموت |
قلبي رسول الله في جنبي يموت |
ماذا أقول وقد رأيتُ الأرضَ تفرحُ |
بالمعاصي والذنوب؟ |
ماذا أقولُ وعمري الحيرانُ |
يطحنه الغروب ؟ |
والحبُ في قلبي يذوب |
آهٍ رسولَ الله من أيامنا |
فلقد رأيتَ بنورِ قلبكَ حالنََا |
يا منصف الأحياءِ والموتى |
ويا نوراً أضاء طريقنا |
لا تترك الأحزانَ ترتعُ بيننا |
*** |
الشمسُ تصعدُ للسماء |
والزهرُ يخنقه البكاء |
والليل ينظرُ في دهاء |
عاد الظلامُ مدينتي ما كنتِ يوماً .. للضياء |
الآن يرحلُ عنكِ نور الأنبياء |
النورُ يخترقُ السماء |
يمضي بعيداً ، ويح قلبي ليته ما كان جاء |
يوماً رأت فيه القلوبُ |
بشيرَ صبحٍ عانقت فيهِ الرجاء |
*** |
يا أنبياءَ الله |
لا تتركوا الأرضَ الحزينةَ للضياع |
لا تتركوا الأرض الحزينة للضياع |
يا أنبياء الله |
يا من تريدون الوداع |
يا من تركتم للظلام مدينتي |
قبل الرحيل تنبهوا |
الأرض تمشي للضياع |
الأرض ضاعت .. في الضياع |