كما هو متعارف عليه في التجارة وفي الأسواق جميعها وفي جميع
أنحاء العالم ، أنه يتم استيراد وتصدير الكثير من المنتجات والسلع حسب حاجة كل
مجتمع وحسب قوة السوق الأستهلاكية , وفي
عصرنا هذا ازدهرت التجارة بالأدوات التكنولوجية والتقنية والألكترونية لحاجة معظم
الأسواق لها ، ولرواج هذه السلع بسبب تقدم الحياة المعاصرة
واستخدام جميع البشر لهذه التقنيات , و ينطبق الأمر على الكماليات وعلى المنتجات
الأخرى الضرورية
وكما لاحظت شخصيا وربما لاحظ الكثير من المواطنين أنه في
الآونة الأخيرة أصبحت حجة البائع القوية في مجادلة الزبون وإقناعه بالسلعة أنها أجنبية المصدر , وكم يؤلمني ذلك عندما أتسوق
وبينما التاجر يشرح عن سلع متعلقة
بالثياب المتوافرة بكثرة كمنتج محلي ،على أنها جيدة المواصفات لميزتها الأجنبية
وكأن الشرق وسوريا تحديدا ما عرفت النسيج
يوما، ولا كانت من أوائل الدول والأمم ومن
عصور ما قبل الميلاد تنسج وتصبغ أفضل
أنواع الأقمشة وأجودها .
فالبروكار
الدمشقي نوع من القماش الشرقي الدمشقي المصنع بالنول اليدوي،
والأغاباني الدمشقية: أقمشة
شرقية دمشقية مصنعة من أنواع رائعة من البروكار بمطرزات دمشقية تقليدية.
وكانت المنسوجات الدمشقية مميزة لدرجة ان الامراء وكبار
القوم كانوا يتنافسون على شرائها والاكتساء بها، مما حمل الافرنج على اطلاق اسم
دمشق على أفخر منسوجاتهم التى يقلدون بها الاقمشة الدمشقية.( الدامسكو)
فطريق الحرير يمر بدمشق عاصمة التجارة ،وعاصمة الحضارة وأم
الأنسجة والفنون التطريزية والغزل والحرير ولاتزال .
أليس (الدماسكو) هو أول أنواع الأقمشة في العالم التي تقصد
دمشق لأجله حتى الآن ؟!وكذلك مدينة حلب و بقية المدن السورية الكبرى .
فأين ذهبت حضارتنا ؟ وأين توارى فننا في تزويد كل الأمم
بأجمل ما لدينا؟ جمع تجارنا منذن القديم سحر الشرق في أقمشتهم وأمتعتهم وكل منتجات بلادهم ووزعوها
على العالم أجمع , لتأتينا في الوقت الحاضر بضاعة من الصنف الرديء والسعر العالي , وتنافس بضاعتنا المحلية وتتسبب
بكسادها وعدم تسويقها ،أهو خطأ التاجر
والمستورد ؟ أم خطأ المواطن والمستهلك ؟
أم خطأ من ؟
لابد وأن كل
بلد مصدر لسلع معينة لديه كافة العينات وكل الأصناف , ولكن لو تمعنا
في أسواقنا لوجدنا أنه لم يصلنا إلاالنخب
الثاني والثالث وما دون ولا يصلنا النخب الأول ؟ ويباع بسعر غال وعالي قياسا بدخل الفرد وقدرته الشرائية , فلم نستودر بضائع وحاجات لدينا منها فائض ؟! وطبعا هذا يعتبر في عالم الأقتصاد تخريب وكساد للسلعة الوطنية التي يجب أن تباع أولا.
كل هذه الأسئلة لا
بد وأنها تراود الجميع في جولات تسوقهم وخاصة قبل الأعياد والمناسبات , والمشكلة أن هذا الأمر تفاقم حتى وصل لسلع ومواد
لا قيمة لها فعلى مستوى بعض الأغذية كالبوظة والمكسرات وغيرها تجد التاجر ينادي بالأجنبي .
وعلى مستوى الألبسة أصبح القماش الوطني موضة باطلة ، ومعامل
الغزل والنسيج قد تتكبد خسارات فادحة بسبب
هذا الوضع .... وقس على ذلك من أمور.
وهنا قد يقول
البعض إن وجود بضاعة أجنبية في الأسواق ليس بالأمر الجديد... نعم هذا صحيح منذ
الخليقة والبشر تتبادل البضائع والحاجيات بالمقايضة حينا ، وبالنقود والمال غالبا...
ولكن إغراق أسواقنا لهذه الدرجة بكماليات
، هو أمر يدعو للعجب ويسترعي التساءل والأنتباه .
ولو عدنا لمنتجات بعض الدول الأجنبية لوجدناها تدخل في حلبة
المنافسة الأستهلاكية ، في أسواق أوروبا وأمريكا على نفس الدرجة والسوية مع المنتجات
الأوروبية والأمريكية ،وهي فعلا منتجات من الصنف الجيد جدا ، وفعلا هي نوعيات ممتازة , ولولا ذلك لم سعت أمريكا جاهدة لمحاربة السوق الصينية
ومنتجاتها من خلال ضرب الأقتصاد الصيني
بطرق شتى .
بينما نجد في
أسواقنا وأكثر البيوت وكل الأماكن متخمة بتلك المنتجات
، حتى يكاد لا يخلو مكان منها ،
ولكن من الصنف ذو الأستعمال لمرة واحد ة , وهذا طبعا يعود بالربح على
المستورد وبالخسارة على المستهلك
الذي سيضطر لتجديد سلعته كل فترة بسلعة ربما من نفس النوع ونفس الصنف (لعدم توافر سواها ) .
وهنا يطرح السؤال نفسه :أين قانون حماية المستهلك ؟
قانون حماية
المستهلك على ما يبدو تحول لقانون إدهاش
المستهلك , فعندما يجد المواطن نفسه أمام
سلع أجنبية المصدر ورخيصة السعر،لا بد وأن
يتجه لأقتناء ما يظنه أنه أفضل له
ولنقوده، ولكن ما يلبث أن يكون قد ندم
عندما فات الأوان , فالنقود كان مصيرها التبذير لأن لا جودة في سلعة لا تحقق المواصفات المطلوبة .
وهنا يأتي دور
علم نفس الدعاية والإعلام بالدرجة الأولى
حيث جدير بتجارنا , وبمنتجي السلع الوطنية أن يروّجوا لها على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي فقط , وحري
بالقوانين الناظمة للمنتجين ان
تكون عادلة، بحيث يستطع منتج السلعة المحلية أن يقارب بسعرها ما بينها وبين المنتج الأجنبي فلا يجد المواطن غبنا أو ظلما في شرائه لها , وأن يكون إنتاجه جيدا بجودة
المنتج الأجنبي ليشجع المواطن على شراء المنتجات الوطنية، حتى لا تنافسها السلع
القادمة من الخارج مهما كان مصدرها وبلد منشأها .
وآن لموادنا
ولمنتجاتنا ان تجد طريقها لأسواق العالم ، فتكون من المواد المعروفة على كل
الأصعدة والمستويات وفي أغلبية الأسواق
العالمية ، فأمة وزعت الأبجدية منذ
فجر التاريخ ليس بالكثير لو وجدت لها طريقا بين أسواق العالم وتعرف الخلق على حضارتنا العريقة والأصيلة منذ
القديم .
مي خلوف
20\11\2009