( القبرة التي قتلت الفيل ) -
من كليلة ودمنة
والمثل في ذلك أن القبرة اتخذت ادحيه (عش ) وباضت فيها على طريق الفيل
وكان للفيل مشرب يتردد إليه
فمر ذات يوم على عادته ليرد مورده فوطئ عش القبرة وهشم بيضها وقتل أفراخها
فلما نظرت ما ساءها منه علمت أن الذي نالها من الفيل لا من غيره
فطارت فوقعت على رأسه باكية
ثم قالت: أيها الملك لم هشمت بيضي وقتلت أفراخي وأنا في جوارك ؟ أفعلت هذا استضعافاً منك لأمري واحتقاراً منك لشأني ؟
قال : هو حملني على ذلك .
فتركته وانصرفت إلى جماعة من الطير فشكت إليهن ما نالها من الفيل
فقلن لها: وما عسى إن نبلغ منه ونحن طيور ؟
فقالت للعقاعق والغربان: أحب منكن إن تصرفن معي إليه فتفقأن عينيه، فإني احتال له بعد ذلك بحيلة أخرى.
فأجبنها إلى ذلك وذهبن إلى الفيل فلم يزلن ينقرن عينيه حتى ذهبن بهما وبقى لا يهتدي إلى طريق مطعمه ومشربه إلا ما يقمه من موضعه.
فلما علمت القبرة ذلك منه جاءت إلى غدير فيه ضفادع كثيرة فشكت إليهن ما نالها من الفيل،
قالت الضفادع: ما حيلتنا نحن في عظم الفيل وأنّى نبلغ منه
قالت: أحب منكن إن تصرفن معي إلى وهده ( حفرة ) قريبة منه فتنقنقن فيها وتضججن . فإنه إذا سمع أصواتكن لم يشك في الماء فيهوي فيها
فأجبنها إلى ذلك واجتمعن في الهاوية فسمع الفيل نقيق الضفادع وقد أجهده العطش
فأقبل حتى وقع في الوهده ( الحفرة ) فاعتطم ( هلك ) فيها
وجاءت القبرة ترفرف على رأسه
وقالت : أيها الطاغي المغتر بقوته المحتقر لأمري كيف رأيت عظم حيلتي مع صغر جثتي عند عظم جثتك وصغر همتك