علم النفس
يدرس علم النفس السلوك والعمليات الذهنية. يدون علماء النفس تصرفات الناس
والحيوانات بعضهم تجاه بعض وتجاه البيئة. كذلك يبحثون عن أنماط تساعدهم
على تفهم السلوك ويستخدمون أساليب علمية لاختبار صحة أفكارهم. وقد وجدوا ـ
بفضل هذه الدراسات ـ أشياء كثيرة من شأنها مساعدة الناس على تحقيق
إمكاناتهم وزيادة التفاهم بين الأفراد والجماعات وبين البلدان والثقافات.
وعلم النفس ميدان واسع للدراسة يستقصي طائفة كبيرة من المسائل والأفكار
والمشاعر والأفعال. ومن الأسئلة التي يثيرها علماء النفس: كيف تبصر وتسمع
وتشم وتتذوق وتحس؟ ما الذي يجعلنا نتعلم ونفكر ونتذكر، ولماذا ننسى؟ وما
النشاطات التي تميز البشر عن الحيوانات الأخرى؟ ما القدرات التي تولد
معنا؟ وما القــدرات الواجب علينا اكتسابها؟ ما مدى تأثير العقل في الجسد.
وكيف يؤثر الجسد في العقل؟ وهل نستطيع تغيير سرعة نبض القلب أو درجة حرارة
الجسم بمحض إرادتنا؟ ماذا تستطيع الأحلام أن تنبئنا عن حاجتنا ورغباتنا؟
ولماذا نحب من نحبهم؟ ولماذا يشعر بعض الناس بالخجل وغيرهم لا خجل لديهم
إطلاقًا؟ ما أسبـــاب العنــــف؟ ما المــرض العقلي؟ وكيف يمكن شفاؤه؟.
ساعدت نتائج بحوث علماء النفس كثيرًا على تحسين فهمنا لأسرار تصرفات
الناس. فعلى سبيل المثال اكتشف علماء النفس الكثير عن كيفية تطور شخصية
الإنسان، وتشجيع النمو السليم، ولديهم بعض المعرفة التي من شأنها مساعدة
الناس على تغيير عاداتهم السيئة ومساعدة التلاميذ على التعلم. كما يدركون
بعض الشروط المؤدية إلى تشجيع العمال على رفع كفاءتهم الإنتاجية. هناك
أشياء كثيرة لم تكتشف بعد. لكن الإدراك الذي اكتسبناه بفضل علم النفس
بإمكانه مساعدة الناس على تحسين تصرفاتهم.
المجالات الرئيسية لعلم النفس
الإدراك. يعرّف الإدراك في علم النفس بأنه دراسة الطريقة التي يصبح بها أي
كائن واعياً بالأشياء والأحداث والعلاقات في العالم حوله باستخدام الحواس.
ولذا يحلل علماء نفس الإدراك حقولا مثل البصر والسمع والذوق والشم واللمس
والحركة.
التعلم. يبحث هذا الفرع من علم النفس في كيفية حدوث التغيرات الدائمة في
السلوك نتيجة الخبرة والممارسة والتدريب. ويُعنى علماء النفس في دراساتهم
بأهمية الثواب والعقاب في عملية التعلم، وكيف يتعلم مختلف الأفراد
والأنواع. وما العوامل التي تؤثر في الذاكرة.
الدافع. ينصب اهتمام علم النفس على دراسة القوى الواعية وغير الواعية
الكامنة وراء تصرفات البشر والحيوانات الأخرى. كما يركز العلماء على تفهم
الحاجات الجسدية والدوافع الجنسية والعدوان والانفعال.
الشخصية. تشير الشخصية إلى الخصائص التي تميز الناس بعضهم عن بعض وتفسر
سلوكهم. ويدرس علماء نفس الشخصية كيفية تطور شخصية الفرد، وأنماط الشخصية
الرئيسية، وقياس سمات الشخصية.
علم النفس الاجتماعي. يبحث هذا العلم في السلوك الاجتماعي للأفراد
والجماعات مع الاهتمام بكيفية تأثر السلوك بمجرد وجود أشخاص آخرين أو
بتأثيرهم على السلوك. ويركز علماء النفس الاجتماعي على عمليات مثل
الاتصالات والسلوك السياسي وتكون الميول والاتجاهات.
علم النفس التربوي. يحاول هذا العلم تحسين طرق التعليم ومواد التعليم، وحل
مشكلات التعلم في هذا الميدان وقياس القدرة على التعلّم ودرجة التقدم
التربوي. ويعمل الباحثون في هذا الميدان على وضع اختبارات تحصيل وتطوير
طرق تعليمية جديدة، وتقييم درجة فعاليتها أو دراسة كيفية تعلم الأطفال في
مختلف أعمارهم.
علم النفس السريري أو الإكلي***ي (الطبي). يستخدم الفهم المستمد من علم
النمو وعلم نفس الشواذ لتشخيص الاضطرابات العقلية ومصاعب التكيف بغية
معالجتها. ويعمل بعض علماء النفس السريري على تطوير برامج من شأنها منع
الأمراض العاطفية، أو يقومون بأبحاث أساسية تساعد الأفراد على مجابهة
مشكلات الحياة اليومية على وجه أفضل.
علم نفس الشواذ. يعالج الاضطرابات السلوكية والأفراد المضطربين. فعلى سبيل
المثال قد يحقق الباحثون في أسباب السلوك العنيف أو السلوك الهدام للذات،
أو فعالية الأساليب المستخدمة في علاج الاضطرابات الانفعالية.
علم النفس الصناعي. يهتم هذا الفرع من علم النفس بدراسة الناس في أماكن
العمل. ومن المسائل التي يعنى بها علماء النفس الصناعي في بحوثهم كيفية
جعل العمل أجدى معنوياً، وكيفية تحسين أداء العمال. كذلك يدرسون المسائل
المتعلقة بانتقاء الموظفين، والقيادة، والإدارة. وعلم نفس المنظمات قريب
الصلة بعلم النفس الصناعي.
علم النفس الفسيولوجي. يدرس العلاقة بين السلوك وتركيب الجسم أو وظائفه،
ولاسيما عمل الجهاز العصبي ويدرس وظائف الدماغ وكيف تؤثر الهورمونات على
السلوك. ويستقصي السلوك والعمليات الجسدية التي تؤثر في التعلم والعواطف.
علم النفس المقارن يستقصي أوجه الاختلاف والشبه في سلوك الحيوانات
وأنواعها المختلفة. ويقوم علماء النفس في هذا الميدان بدراسات منهجية حول
قدرات مختلف أنواع الحيوانات وحاجاتها ونشاطاتها مع مقارنتها بالجنس
البشري.
علم نفس النمو. يدرس التغيرات العاطفية والفكرية والاجتماعية التي تطرأ
على الناس في مختلف مراحل العمر. ويتخصص بعض علماء نفس النمو بدراسة مشاكل
الأطفال أو المراهقين.
علم النفس والعلوم الأخرى
يتصل علم النفس اتصالا وثيقًا بأحد العلوم الطبيعية، وهو علم الأحياء.
فعلماء النفس ـ مثل كثير من علماء الأحياء ـ يدرسون قدرات البشر
والحيوانات وحاجاتهم ونشاطاتهم. غير أن علماء النفس يركزون دراستهم على
عمل الجهاز العصبي ولا سيما الدماغ.
ولعلم النفس صلة أيضًا بفرعين من العلوم الاجتماعية، هما علم الأجناس وعلم
الاجتماع، اللذان يدرسان الإنسان في مجتمعه، إذ يدرس علماء النفس ـ شأنهم
في ذلك شأن علماء الأجناس وعلماء الاجتماع ـ ميول البشر وعلاقاتهم في
النطاق الاجتماعي. وتدرس هذه الفروع الثلاثة من المعارف الأكاديمية
المشكلات ذاتها، ولكن من زوايا مختلفة، بيد أن علماء النفس يركزون
دراساتهم على سلوك الفرد، ذلك لأنهم معنيون بصورة خاصة بتفكير الشخص
والمشاعر التي تؤثر في أفعاله.
إضافة إلى ذلك يشبه علم النفس فرعًا من فروع الطب يدعى الطب النفسي. ويحمل
معظم علماء النفس شهادات جامعية في علم النفس، لكن لا يتخصص إلا القليل
منهم في علاج الاضطرابات العقلية. بينما يحمل الأطباء النفسيون شهادات
طبية، ويكرسون عملهم لمعالجة الاضطرابات العقلية