من المؤسف أن نبدأ عامنا الهجري الجديد وندخل عامنا الميلادي الجديد ونحن أمام فاجعة إنسانية أودت بحياة 300 شهيد في غزة إضافة إلى 1000 جريح
نحن نعيش أمام تكرار جديد لكربلاء وما يجري اليوم يساعدنا على أن نفهم ما جرى في التاريخ فحقيقة كربلاء أن هناك فئة مؤمنة متمسكة بعزتها وشرفها وحقوق أمتها ترفض الخضوع والذل والإستسلام للطغاة والظالمين وتقف وتقاوم وتواجه وعندما يتم وضعها أمام الإستسلام المهين وبين المواجهة غير المتكافئة فإنها تختار خيار المقاومة والإستشهاد هذه الفئة التي تحاصر بالجوع والعطش ويتم ترهيبها بالتهديد ولا تتراجع أليس هذا ما جرى في كربلاء
في حرب تموز وضعت المقاومة وشعبها وجمهورها وكل من كان يحتضنها بين خيارين بين خيار الإستسلام المذل والقبول بالشروط الإسرائيلية الأميركية المذلة وبين المواجهة فأبيتم عيشة اللئام واخترتم المقاومة وصنعتم الإنتصار في لبنان
على الرغم من التدمير وسقوط الآلاف من الشهداء والجرحى وقلة الناصر والمعين وخذلان القريب وتواطئ البعيد وكانت المحصلة انتصار الدم على السيف
ما جرى في تموز نسخة طبق الأصل عما يحصل اليوم في غزة، والتواطؤ هو نفسه والمعركة نفسها والنتيجة انشألله ستكون نفسها
رئيس الحكومة الشرعية اسماعيل هنية يخرج من تحت الركام ليقول أن الفلسطينيين سيحفاظون على حقوقهم ولن يستسلموا هذه هي كربلاء الحقيقية
نحن اليوم بحاجة إلى كلمة الحق الواضحة والصريحة لتتحمل كل الأمة مسؤولياتها أمام ما يجري
ما يجري في غزة كما في لبنان هو أن هناك مشروع أميركي في المنطقة يريد فرض تسوية مذلة على بقية العرب بعد خروج مصر والأردنت وعقدهما اتفاقيات ما يسمى بسلام مع إسرائيل بقي لبنان وسوريا وفلسطين والأميركيون والصهاينة يريدون تسوية الوضع بشروط أميركية إسرائيلية وعلى اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين أن يخضعوا لهذه الشروط ويعمل على فرض هذه الشروط بالقوة من خلال الضغط والعزل والحصار ومن خلال إحداث فتن داخلية لتوريط حركات المقاومة من خلال الحرب النفسية ومن خلال الحروب والإغتيالات، المطلوب ان يخضع من لم يخضع حتى الآن
بعض الأنظمة العربية شريكة في هذا المشروع خصوصا الأنظمة التي وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل وهي تعمل على فرض ظروف الإستسلام على بقية الممانعين للمشروع الأميركي الصهيوني
هؤلاء العرب يطالبون إسرائيل بأن تقضي على حماس والجهاد وان تقطع رؤوس المقاومين، وبعد الإسرائيليين قال ان الحجم العربي الذي حصلت عليه إسرائيل اليوم يفوق الدعم العربي الذي حصلت عليه في حرب تموز
هؤلاء العرب مقتنعون بما يفعلون وهذا الأمر مؤسف وهم مولوا وسلحوا من أجل إحداث الإنقسام الداخلي بين الفلسطينيين
لم يطلب أحد من الأنظمة العربية بفتح الجبهات لكن من الطبيعي موقف إعلامي وسياسي منصف لكننا نجد مجددا كما في حرب تموز تحميل الضحية المسؤولية، بالأمس سمعنا مسؤولا مصريا يحمل حماس مسؤولية ما يحصل في غزة، وهل يمكن أن يصدق إنسان أن كلاما من هذا النوع يصدر عن مسؤول عربي
كأنه كان مطلوبا من حماس ان توافق على التمديد لتهدئة الحصار والتجويع التي كانت تمارس عليهم واليوم نسمع الكلام الذي سمعناه خلال حرب تموز 2006 وهي مسؤولية تحميل المقاومة حرب غزة، وبعض القنوات الفضائية العربية تتحدث كأن الذين قتلوا في غزة بالأمس قتلوا في حادث سير في الهند
هذه القنوات مصرة على تسمية الشهداء في غزة على أنهم قتلى وليسوا شهداء
أهل غزة أخذوا قرارهم ويمارسونه بفعل شهادة وصمود ومقاومة ولم يمنعهم حجم التضحيات والدموع ولا تخلي العالم مواصلة الجهاد والمقاومة والصمود
نحن كأمة أمام هدف مركزي يجب أن يكون العمل من أجل وقف العدوان الصهيوني على غزة وعدم السماح له بتحقيق أهدافهم وهذا الهدف ليس مسؤولية أهل غزة لوحدهم وهي مسؤولية الحكومات في العالمين العربي والإسلامي ومسؤولية الشعوب والحكومات التي لم تحرك ساكنا يجب على شعوبها ان تجبرها على التحرك
علينا أن نخرج إلى الشارع ونضغط على حكوماتنا لتحميلها المسؤولية وهي تستطيع أن تفعل الكثير وفي هذا الزمن الذي تعاني منه أميركا من أزمات خانقة نحن في العالم العربي لدينا النفط والمال وأنظمتنا قادرة بكل بساطة على إيقاف الهجمات على غزة، وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تخرج لتطالب النظام المصري بفتح معبر رفح ليصل الغذاء والدواء والماء والسلاح لغزة وفي غزة شعب ومقاومون وشعب جدير بالمقاومة وصنع الإنتصار
أقرينا لسوريا بشاركتها في انتصار تموز لأنها لم تقفل الحدود، مصر ليست هلال أحمر وكان يقال عنها ام الدنيا والمطلوب من القيادة المصرية أن يحسم هذه المسألة والمطلوب منه ألا يستغل الحرب للضغط على حماس وحركات المقاومة في غزة لقبول الشروط الإسرائيلية بل يجب أن يساعدوا أهل غزة على لإيقاف الحرب دون قيد أو شرط
أيها المسؤولون المصريون إن لم تفتحوا معبر رفح وتنجدوا الفلسطينيين فأنتم شركاء في الجريمة والقتل والحصار
إلى شعب مصر المسلم والعربي والأبي:فلتخرج بالملايين إلى الشارع ويا شعب مصر يجب ان تفتحوا المعبر بصدوركم وأنا أتحدث من موقع الإنتساب إلى المقاومة والشعب الذي قاوم إسرائيل 33 يوما وقدم الشهداء، ما نعرفه وما نسمعه عن ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية أنهم ما زالوا على أصالتهم العربية وعداوتهم للصهاينة، أنا لا أدعو لانقلاب في مصر لكن مع أن يأتي الضباط إلى القيادة المصرية ويقولوا لها أنهم يأبوا أن يحرسوا الحدود في حين يقتل الفلسطينيون في غزة
لو قدر أن يفتح هذا المعبر ستتكرر ملحمة الإنتصار التي حصلت في لبنان ونحن على ثقة بذلك وإذا صمدت غزة لأيام او لأسابيع سيتوقف العدوان فهذا العدو لا يطيق حرب استنزاف وسيضطر في نهاية المطاف أن يوقف عدوانه
في التسوية ذهبت السلطة الفلسطينية بعيدا وكانت المفاوضات في كامب دايفيد مع حزب العمل ومع ذلك لم يحصل الفلسطينيون على الحق الأدنى من حقوقهم أي سلام عادل وشامل يتحقق في ظل الشروط الإسرائيلية فلا قدس ولا حق عودة فما هذا التنظير ؟
البعض يقولوا لنا أن المجتمع الدولي والقرارات الدولية والتضامن العربي يحمينا فأين هذا المجتمع واين القرارات وأين التضامن العربي والعرب يحاجة لأيام للإتفاق على قمة بسبب تحفظات هنا وهناك
المقاومة تحمينا وتعيد حقوقنا والخيارات الأخرى وهم، وهل نحتاج نحن العرب وفي العالمين العربي والإسلامي لنحصل على هذا الوعي لمئة مجزرة قانا وغزة ودير ياسين والحرم الإبراهيمي، هذا العدو في كل عام أو عامين يقدم دليلا جديدا على عنصريته وإجرامه ولم يقابل دعوات السلام إلا بمزيد من القتل
أمام هذا الوضوح لدى المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين الوضوح الذي ندعو إليه الشعوب والأنظمة أنا أعزي أهل غزة وأنا على ثقة أنهم أهل إيمان بالنصر الإلهي وهم أهل احضور في الميدان وأهل الكرامة والإباء وهذه العوامل هي التي تجلب النصر والأمة كلها مسؤولة أن تقف إلى جانب غزة ولا يجوز لأحد أن يتخلف عن نصرتكم
منذ بداية العدوان على غزة أولمرت وباراك وليفني وعدد من المسؤولين وجهوا تهديدات لأي جبهة أخرى واتخذوا إجراءات على الحدود واليوم وجهت توجيهات إلى سكان المناطق الشمالية لتجهيز ملاجئهم
هنا احتمالان فإما يكون كل ما يفعله الإسرائيلون في المنطقة الشمالية إجراءات وقائية وهناك احتمال أن يكون في هذا التوقيت السيء وفي ظل تواطؤ الأنظمة العربية وفي ظل فراغ دولي والفراغ في القرار الأميركي وهذا الإحتمال هو أن يلجأ العدو إلى عدوان ما باتجاه لبنان ليستغل هذه الفرصة وهو بحاجة لذلك لترميم صورة الردع العربية ولا يجوز الإطمئنان لمن يقول أن إسرائيل لا تقاتل على جبهتين هذا يجب أن يدعو الجيش والحكومة والمقاومة إلى الإنتباه والحيطة حتى قضية الصواريخ الثمانية التي اكتشفت قبل بدء الهجوم على غزة، وأنا أسأل من وضع هذه الصواريخ
بعض المسؤولين اللبنانيين لم نجد منهم الحرص عندما اختطف الإخوين طراف من الجنوب أما عندما اكتشفت الصواريخ فـتحفونا وحاولوا أن يحملونا مسؤولين هذا الأمر، وأنا أود أن أقول لهم نحن في حزب الله لدينا شجاعة تحمل مسؤولية ما نقوم به ولسنا في موضوع التهمة لندافع عن أنفسنا وما جرى مشبوه من الزاوية الأخرى ألا تستطيع إسرائيل وعملاءها ان يتسللوا لوضع الصواريخ لتقديم التبرير لإسرائيل لشن حرب على لبنان
أنا بصدد دعوة لبنان الذي هزم إسرائيل مرتين ومرات ومرات ليكون بحذر وأنا طلبت من الإخوة في المقاومة ان يكونوا متواجدين ومحتاطين لأننا أمام عدو مجرم وغدار ونحن لا نعرف حجم المؤامرات التي تحاك من حولنا في المنطقة ونحن لا يرعبنا لا ما جرى في تموز ولا ما يجري في غزة ونحن على استعداد لمواجهة أي عدوان على أرضنا ونواجه كل المعتدين من خلال حضورنا ومقاومتنا
نحن مدعوون في هذا الأيام التاريخية وهذه الأيام العاشورائية لتحميل المسؤولية تجاه ما يجري في غزة ونتائجه ستكون على مستوى الأمة ويجب أن نواصل العمل والتحرك ويجب ان نبذل كل جهد في الدفاع عن أهلنا ويوم غد الذي اعلنه السيد الخامنئي يوم حداد نحن معنيون به لنعبر عن تضامنا ومواستنا لأهلنا في غزة وحدادنا على الشهداء وأنا أدعوكم يوم غد عند الساعة الثالثة لتجمع حاشد في ملعب الراية للمشاركة في الحداد والتأبين للشهداء في غزة وفي مثل يوم غد هناك الكثير من المجالس العاشورائية وأنا أدعو لإلغائها في العصر ومجيء الجميع للتضامن من غزة لنسمع العالم صوتنا وأن نعلن له أننا موجودون هنا ولا يمكن أن يخضعنا لا قتل ولا دم ولا ترهيب
موضوع: كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله 
29.12.08 18:10
