في حفل زفاف عروسين من المجتمع المخملي,, وعلى سفرة البوفيه,, التقى طبق من الخزف الصيني وبجانبه ملعقة متكئة عليه بدلال من الصدف يحوي الكافيار مع طبق أنيق من الفضة يحوي الفلا فل,, وراحا يختلساالنظر بحذر,, كل الى الآخر.
كان الكافيار أكثر جرأة واعتزازا,, فهمس لطبق الفلا فل: سمعت عنك الكثير
يقولون أنك تنال لقب الأكلة الشعبية الأولى في بعض البلدان العربية.
هزّ الفلافل الخجول رأسه بالايجاب بعد أن أعطته كلمات الكافيار جرعة ثقة,ثم تجرّأ وقال: وأنت مااسمك؟؟ أنا لم أسمع عنك بحياتي. ابتسم الكافيار
باستعلاء وقال: أنا أغلى نوع من الطعام, اسمي الكافيار, أنابيض سمك الحفش الذي يعيش في بحر قزوين والبحر الأسود, لذا لايعرف مذاقي الا طبقة معينةمن الناس.
وأنت ما بك منكمش على نفسك هكذا؟!
رد الفلافل: في الحقيقة لست معتادا على التواجد في هذه الأماكن والأجواء لكنهم بدأوا ينقلوني الى تلك الموائد الارستقراطية, كوني صنف من الطعام يمثل التراث الشعبي, وهنا أشعر وكأني في حفل تنكري .
سأل الكافيار بفضول: لم تقل لي مم تتكون أنت وماهي أجواؤك المعتاد عليها اذن؟
صمت برهة ثم جمع كل ما لديه من قوة وقال: مكوناتي هي الفول اليابس والحمص اليابس والبصل والكزبرة الخ مكونات بسيطة ورخيصة الثمن,, أما أجوائي فهي دكان صغير... مقلاة كبيرة فيها زيت غزير مغلي... هضبة من الحمص المسلوق... أصناف من المخللات... شرائح من البندورة... وزبائن معظمهم من الطبقة الكادحة الفقيرة,, أكون لهم وجبة رئيسية مغذية ومشبعة مع أرغفة الخبز.
وأنت هل تشكل وجبة رئيسية؟؟؟ وكيف تؤكل مع الخبز أم مع الرز؟؟؟.
الكافيار: لالالالا.. أنا أحد أنواع المقبلات الفاخرة,, أقدم مع البيض المسلوق أو مع شرائح الخبز المحمصة أو مع شرائح السلمون المدخن أو مع المحار.
وغالبا ما يفضلون تقديمي في علبة أنيقة فوق طبق من الثلج المكسر.
ابتسم الفلافل قائلا: أما أنا فغالبا ما أقدم من البائع الى الزبون حارا في كيس ورقي, ماان يستلمني الأخير حتى تصاب أصابعه بقطرات الزيت النافذة من مسامات الكيس المتخذة شكل دوائر صغيرة وكبيرة.
الكافيار: أعرف أن الذين يأكلون الكافيار يعرفون طعم الفلافل اذا لماذا الذين اعتادوا أكل الفلافل, لايتذوقوني ولو مرة واحدة في حياتهم؟؟؟؟
الفلافل: ياسيدي, هلاّ نزلت من برجك العالي قليلا وكلمتني وأنفك ليس متجها للسماء,,, لأن الفقيرالمعدم أو القابض على بقية راتب شهري بسيط, لا كالقابض على الدولارات يامولاي الكافيار.
الكافيار: ومايدريك أنت؟؟؟
قال الفلافل بألم: سمعت مرة أطفالا يقولون لأمهم وهي تضغط علي بأصابعها فوق أرغفة الخبز البائت وتحولنا الى لفافات تقدمها لهم:
( كل يوم... كل يوم... فلافل... فلافل) فتمتمت المسكينة بينها وبين نفسها لايعرف ثقب الجورب الا الحذاء.
قال الكافيار: لم أفهم ماذا تقصد؟
الفلافل : لاشيء لاشيء أنا أيضا لم أفهم بعض الكلمات التي ذكرت كالمحار والسلمون المدخن .
الكافيار: وهل أنت لذيذ الطعم, أم أنهم يقبلون على شرائك لمجرد أنك رخيص الثمن؟؟؟
الفلافل: لا ,, أنا لذيذ ولذيذ جدا, صحيح أني لست رفيع المستوى مثلك, و لكني أصبحت مشهورا عالميا,, فكثير من أبناء الجاليات العربية نقلوني الى أقاصي الشرق والغرب, وعرفوا بي المجتمات الأجنبية, واتخذوا من صنعي مهنة لهم. وأنت لذيذ الطعم أيضا؟
الكافيار: ليس مهما أن أكون طيب المذاق أم لا , يكفيهم أن أكون غالي الثمن كي يتلذذون بطعمي.
بعد فترة قصيرة جدا من الدعوة الى السفرة, كانت الكرات البنية الساخنةالمكسوة بحبات السمسم الذهبية الشهية تتناقص بسرعة وتتسابق الى استضافتها جميع الصحون المحمولة بالأكف, وكانت الأفواه تلتقطها بشهية و الأضراس تطحنها باستمتاع,,, وأيضا,,, كانت الحبات السوداء اللون تنتقل الى كثير من الصحون,, البعض يفتعل التلذذ بنكهتها ومذاقها والقسم الأكبر يبتلعها ابتلاعا.