فاتحة
(وما زلت أرجو يا أمي أن يكون حسني.. عند ظنّك)
*
أسمع رقرقة خفيفة.. فأين أنا؟؟
أسمع أهزوجةً تنتظرني وتعدني بنومٍ هنيء.. و بفرح قادم.. و تمرّ أصابع حانيات حولي.. أعود لأغفو.. على هدهدة صوتها و زقزقة أناملها..
**
أشعر بالضيق هذاالصباح.. أريد الخروج من ملل الماء و غموض الصوت اليومي.. أرغب في رؤية صاحبة هذاالصوت.. فهل ملامحها خمريةٌ كأنفاسها؟؟ وهل تمعنُ في النعومة بشرة خديها كما يفعل باطنُ الكف الدافئ؟؟
و فيمَ أناضلُ كي أرى وجهها تؤلمني صرخاتها و يخيفني وجعها؟؟
فمن ذا الذي يجرؤ على إيلامها؟؟
أخرج و أبدأ بالصراخ.. فتهدأ صرخاتها.. و أستبدلُ بيتي الموحش بوجهها النوراني.. تبللني بدمعها و بحبات ندى تتدحرج من وجهها فوق جسدي الصغير
أسمعها تهمس و تشكر ربها على هدية ما!!!
أية هدية هذه التي تُبكيها؟؟
يا لغرابة هذا الكائن النوراني الذي يحتضنني!!
***
و الآن ما بالها؟؟ وكيف تريدني هذي الجميلة أن أرتشف من نهدها نسغ الحياة بهذه السهولة؟؟
لا أستطيع فعل ذلك وحدي..!!
يا إلهي.. إنها تتألم من جديد..!! لكنني جائع.. فلتحتملني قليلاً.. سأشبع عما قريب
كم هي رقيقةٌ وصامتة
و كم هو طازج طقس الشفاه و النهد اللدِن..
كم هو دافئ هذا اللون الخمري ..حسناً.. ها أنذا قد انتهيت.
****
ما أجمل صوتها و هي تعيد صياغة الموج في ليلي المحموم و ما أعذب نبرتها و هي تربت على المفردات في محاولتها لتعلمني نبض الحروف
وعلى مفرق الخصر تماماً.. حيث أدفن رأسي و دموعي.. ما أطيب رائحةً تفوح من ثوبها
يا للكائن الذي أهدانيه الله .. و يا للنجوم التي تنداح من عينيها حين تنظر إلى وجهي!!
*****
أماه..
ها أنا ذا في طقس الصلاة
دعيني أقبل أطراف الأصابع من يديك
ذريني هنيهةً.. أراجع نفسي و أشكر ربي لأنك أمي.. لأرتب عمري باقاتِ وردٍ و شكرٍ لأنك.. أنتِ
******
أتظنينني أنسى تفاصيل العروق في يدك الحانية؟؟ و هل أنسى تفاصيل حبورك في اجتماعات الصّباح تحت العريشة في بيتنا؟؟ و صوتك الجارح في حزنه وهو يدندن حولنا أغنيتك المفضّلة: (بتندم.. وحياة عيوني بتندم)؟؟
وكيف أمعن الله نوراً في تأليف الموج للعينين الزرقاوين؟؟
ها هو يحضرني مرة أخرى وشاحك الأبيض يحنو على وجنتيك.. والمصحف يتدفأ بين يديك.. و صوتك يزيد الكلمات.. طهرا.
إني أراكِ بقلبي و أنت ترتبين تفاصيل النهار.. و أسأل نفسي:
أين مني الآن فجر صوتك و.. صمتك؟؟
و هل من سبيلٍ إليكِ.. لآخذ من جديد نصيبيي في صباح قهوتك و خبزك و في.. صباح ضحكتك؟؟
*******
خاتمة
سأخلع عني يوماً رداء التعب
و أمضي إلى مبتغاي فيك..
و أبكي طويلاً عند دقات قلبك
حيث تعلمت كيف تبوح العطور
الله.. ما أشهاه مِن عبَق
أَلَا صدَق الحبَق
...